مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{۞وَإِذَا صُرِفَتۡ أَبۡصَٰرُهُمۡ تِلۡقَآءَ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (47)

وأما قوله تعالى : { وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار } فقال الواحدي رحمه الله التلقاء جهة اللقاء ، وهي جهة المقابلة ، ولذلك كان ظرفا من ظروف المكان يقال فلان تلقاءك كما يقال هو حذاءك ، وهو في الأصل مصدر استعمل ظرفا ، ثم نقل الواحدي رحمه الله بإسناده عن ثعلب عن الكوفيين والمبرد عن البصريين أنهما قالا : لم يأت من المصادر على تفعال «إلا » حرفان تبيان وتلقاء ، فإذا تركت هذين استوى ذلك القياس ، فقلت في كل مصدر تفعال بفتح التاء ، مثل تسيار وترسال . وقلت في كل اسم تفعال بكسر التاء ، مثل تمثال وتقصار ، ومعنى الآية : أنه كلما وقعت أبصار أصحاب الأعراف على أهل النار تضرعوا إلى الله تعالى في أن لا يجعلهم من زمرتهم . والمقصود من جميع هذه الآيات التخويف ، حتى يقدم المرء على النظر والاستدلال ، ولا يرضى بالتقليد ليفوز بالدين الحق ، فيصل بسببه إلى الثواب المذكور في هذه الآيات ، ويتخلص عن العقاب المذكور .