روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (44)

{ إِلاَّ رَحْمَةً مّنَّا وَمَتَاعاً } استثناء مفرغ من أعم العلل الشاملة للباعث المتقدم والغاية المتأخرة أي لا يغاثون ولا ينقذون لشيء من الأشياء إلا لرحمة عظيمة من قبلنا داعية إلى الإغاثة والإنقاذ وتمتيع بالحياة مترتب عليهما ، ويجوز أن يراد بالرحمة ما يقارن التمتيع بالحياة الدنيوية فيكون كلاهما غاية للإغاثة والإنقاذ أي لنوع من الرحمة وتمتيع ، وإلى كونه استثناء مفرغاً مما يكون مفعولاً لأجله ذهب الزجاج والكسائي ، والاستثناء على ما يقتضيه الظاهر متصل ، وقيل : الاستثناء منقطع على معنى ولكن رحمة منا ومتاع يكونان سبباً لنجاتهم وليس بذاك ، وجوز أن يكون النصب بتقدير الباء أي إلا برحمة ومتاع ، والجار متعلق بينقذون ولما حذف انتصب مجروره بنزع الخافض . وقيل هو على المصدرية لفعل محذوف أي إلا أن نرحمهم رحمة ونمتعهم تمتيعاً ، ولا يخفى حاله وكذا حال ما قبله { إلى حِينٍ } أي إلى زمان قدر فيه حسبما تقتضيه الحكمة آجالهم ، ومن هنا أخذ أبو الطيب قوله

: ولم أسلم لكي أبقى ولكن *** سلمت من الحمام إلى الحمام

والظاهر أن المحدث عنه من يشاء الله تعالى إغراقهم ، وقال ابن عطية : إن { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } [ يس : 43 ] الخ استئناف أخبار عن المسافرين في البحر ناجين كانوا أو مغرقين أي لا نجاة لهم إلا برحمة الله تعالى ، وليس مربوطاً بالمغرقين وقد يصح ربطه به والأول أحسن فتأمله اه ، وقد تأملناه فوجدناه لا حسن فيه فضلا عن أن يكون أحسن .

والفاء ظاهرة في تعلق ما بعدها بما قبلها .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (44)

{ إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا } { رحمةً } منصوب على أنه مفعول له ، وهو استثناء منقطع ، وقيل : منصوب على المصدر بفعل مقدر ؛ أي : إلا برحمة . وكذلك { ومتاعا } {[3912]} .

والمعنى : إذا ركبوا البحر أحاطت بهم أهواله وأخطاره فإنهم لا ينجون من الغرق إلا لرحمة ما { وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } أي : وليتمتعوا بالحياة إلى انقضاء الأجل{[3913]} .


[3912]:الدر المصون ج 9 ص 272
[3913]:البحر المحيط ج 7 ص 324 وتفسير النسفي ج 4 ص 9