روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{۞فَنَبَذۡنَٰهُ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٞ} (145)

{ فنبذناه } بأن حملنا الحوت على لفظه فالإسناد مجازي ، والنبذ على ما في «القاموس » طرحك الشيء أماماً أو وراء أو هو عام .

وقال الراغب : النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به ، والمراد به هنا الطرح والرمي والقيد الذي ذكره الراغب لا أرغب فيه فإنه عليه السلام وإن أبق وخرج من غير إذن مولاه واعتراه من تأديبه تعالى ما اعتراه فالرب عز وجل بأنبيائه رحيم وله سبحانه في كل شأن اعتداد بهم عظيم فهو عليه السلام معتد به في حال الإلقاء وإن كان ذلك { بالعراء } أي بالمكان الخالي عما يغطيه من شجر أو نبت ، يروى أن الحوت سار مع السفينة رافعاً رأسه يتنفس ويونس يسبح حتى انتهوا إلى البر فلفظه . ورد بأنه يأباه قوله تعالى { فنادى فِى الظلمات } [ الأنبياء : 87 ] وأجيب بأنه بمجرد رفع رأسه للتنفس لا يخرج منها ، ثم إن هذا لئلا يختنق يونس أو تنحصر نفسه بحكم العادة لا ليمتنع دخول الماء جوف الحوت حتى يقال السمك لا يحتاج لذلك ، ومع هذا نحن لا نجزم بصحة الخبر فقد روى أيضاً أنه طاف به البحار كلها ثم نبذه على شط دجلة قريب نينوى بكسر النون الأولى وضم الثانية كما في «الكشف » من أرض الموصل ، والالتقام كان في دجلة أيضاً على ما صرح به البعض وخالف فيه أهل الكتاب ، وسيأتي إن شاء الله تعالى نقل كلامهم لك في هذه القصة لتقف على ما فيه .

والظاهر أن الحوت من حيتان دجلة أيضاً وقد شاهدنا فيها حيتاناً عظيمة جداً ، وقيل كان من حيتان النيل . أخرج ابن أبي شيبة عن وهب أنه جلس هو وطاوس ونحوهما من أهل ذلك الزمان فذكروا أي أمر الله تعالى أسرع ؟ فقال بعضهم : قول الله تعالى { كَلَمْحِ البصر } [ النحل : 77 ] وقال بعضهم : السرير حين أتى به سليمان ، وقال وهب : أسرع أمر الله تعالى أن يونس على حافة السفينة إذ أوحى الله سبحانه إلى نون في نيل مصر فما خر من حافتها إلا في جوفه ، ولا شبهة في ان قدرة الله عز وجل أعظم من ذلك لكن الشبهة في صحة الخبر وكأني بك تقول لا شبهة في عدم صحته . واختلف في مدة لبثه فأخرج عبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد » . وغيره عن الشعبي . قال : التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية وكأنه أراد حين أظلم الليل ، وأخرج عبد بن حميد . وغيره عن قتادة قال : إنه لبث في جوفه ثلاثاً ، وفي كتب أهل الكتاب ثلاثة أيام وثلاث ليال ، وعن عطاء وابن جبير سبعة أيام ، وعن الضحاك عشرين يوماً ، وعن ابن عباس . وابن جرير . وأبي مالك . والسدي . ومقاتل بن سليمان . والكلبي . وعكرمة أربعين يوماً ، وفي «البحر » ما يدل على أنه لم يصح خبر في مدة لبثه عليه السلام في بطن الحوت { وَهُوَ سَقِيمٌ } مما ناله ، قال ابن عباس . والسدي : إنه عاد بدنه كبدن الصبي حين يولد ، وعن ابن جبير أنه عليه السلام ألقى ولا شعر له ولا جلد ولا ظفر ، ولعل ذلك يستدعي بحكم العادة أن لمدة لبثه في بطن الحوت طولاً ما .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞فَنَبَذۡنَٰهُ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٞ} (145)

قوله تعالى : { فنبذناه } : طرحناه ، { بالعراء } يعني : على وجه الأرض ، قال السدي : بالساحل ، والعراء : الأرض الخالية من الشجر والنبات . { وهو سقيم } : عليل كالفرخ الممعط ، وقيل : كان قد بلي لحمه ورق عظمه ولم يبق له قوة . واختلفوا في مدة لبثه في بطن الحوت ، فقال مقاتل بن حيان : ثلاثة أيام . وقال عطاء : سبعة أيام . وقال الضحاك : عشرين يوماً . وقال السدي والكلبي ومقاتل بن سليمان : أربعين يوماً . وقال الشعبي : التقمه ضحى ولفظه عشية .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{۞فَنَبَذۡنَٰهُ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٞ} (145)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فنبذناه} ألقيناه.

{بالعراء} البراري من الأرض التي ليس فيها نبت.

{وهو سقيم} مستقام وجيع.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله: {فَنَبَذْناهُ بالعَرَاءِ}: يقول: فقذفناه بالفضاء من الأرض، حيث لا يواريه شيء من شجر ولا غيره...

وقوله: {وَهُوَ سَقِيمٌ}: يقول: وهو كالصبيّ المنفوس: لحم نيء...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قال القتبي: العراء هي الأرض التي لا يرى فيها شجر ولا غيره، كأنه من عري الشيء.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

" سقيم ": في ضعفٍ من الحال لِمَا أثَّر مِنْ كَوْنِهِ قضى وقتاً في بطن الحوت...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

ألقاه الحوت وقد بلي لحمه ورق عظمه ولم يبق له قوة...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

والعراء: المكان الخالي لا شجر فيه ولا شيء يغطيه، {وَهُوَ سَقِيمٌ}: اعتلّ مما حلّ به، وروي: أنه عاد بدنه كبدن الصبيِّ حين يولد.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لكنه لما كان ذكاراً لله في حال الرخاء ذكرناه في حال الشدة، فأنجيناه من بطنه وأخرجناه منه سالماً، وكان ذلك أمراً باهراً للعقل، أبرزه في مظهر العظمة فقال:

{فنبذناه}: أي ألقيناه من بطن الحوت إلقاء لم يكن لأحد غيره، وكان ذلك علينا يسيراً.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

{فنبذناه} بأن حملنا الحوت على لفظه فالإسناد مجازي، والنبذ على ما في «القاموس» طرحك الشيء أماماً أو وراء أو هو عام، وقال الراغب: النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به، والمراد به هنا الطرح والرمي، والقيد الذي ذكره الراغب لا أرغب فيه؛ فإنه عليه السلام وإن أبق وخرج من غير إذن مولاه واعتراه من تأديبه تعالى ما اعتراه؛ فالرب عز وجل بأنبيائه رحيم وله سبحانه في كل شأن اعتداد بهم عظيم؛ فهو عليه السلام معتد به في حال الإلقاء وإن كان ذلك {بالعراء}.