فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞فَنَبَذۡنَٰهُ بِٱلۡعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٞ} (145)

{ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء } : النبذ الطرح ، والعراء قال ابن الأعرابي هو الصحراء وقال الأخفش : الفضاء وقال أبو عبيدة : الواسع من الأرض ، وقال الفراء : المكان الخالي ، وروي عن أبي عبيدة أيضا أنه قال : هو وجه الأرض ، وقيل : الأرض الخالية عن الشجر والنبات ، وقيل : بالساحل ، قاله ابن عباس ؛ والمعنى أن الله طرحه من بطن الحوت في الصحراء الواسعة التي لا نبات فيها ، أو أمرنا الحوت بنبذه وإنما أضاف النبذ إلى نفسه وإن كان الحوت هو النابذ لأن أعمال العباد مخلوقة لله .

{ وَهُوَ } عند إلقائه { سَقِيمٌ } لما ناله في بطن الحوت من الضرر ، قيل : صار بدنه كبدن الطفل حين يولد ، وقيل : كالفرخ الممعط أي المنتوف شعره وقيل كان قد بلي لحمه ورق عظمه ولم تبق له قوة .

وقد استشكل بعض المفسرين الجمع بين ما وقع هنا من قوله { فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء } وقوله في موضع آخر { لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم } فإن هذه الآية تدل على أنه لم ينبذ بالعراء ، وأجاب النحاس وغيره بأن الله سبحانه أخبر ههنا أنه نبذ بالعراء وهو غير مذموم ، ولولا رحمته عز وجل لنبذ بالعراء وهو مذموم .