روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (70)

وقوله تعالى :

{ إِن يوحى إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } اعتراض وسط بين إجمال اختصامهم وتفصيله تقريراً لثبوت علمه عليه الصلاة والسلام وتعييناً لسببه إلا أن بيان انتفائه فيما سبق لما كان منبئاً عن ثبوته الآن ، ومن البين عدم ملابسته صلى الله عليه وسلم بشيء من مباديه المعهودة تعين أنه ليس إلا بطريق الوحي حتماً فجعل ذلك أمراً مسلم الثبوت غنياً عن الاخبار به قصداً وجعل مصب الفائدة إخباره بما هو داع إلى الوحي ومصحح له ، فالقائم مقام الفاعل ليوحي إما ضمير عائد إلى الحال المقدر كما أشير إليه سابقاً أو ما يعمه وغيره ، فالمعنى ما يوحى إلى حال الملأ الأعلى أو ما يوحى إلى الذي يوحى من الأمور الغيبية التي من جملتها حالهم لأمر من الأمور إلا لأني نذير مبين من جهته تعالى فإن كونه عليه الصلاة والسلام كذلك من دواعي الوحي إليه ومصححاته ، وجوز كون الضمير القائم مقام الفاعل عائداً إلى المصدر المفهوم من { يُوحَى } أي ما يفعل الإيحاء إلى بحال الملأ الأعلى أو بشيء من الأمور الغيبية التي من جملتها حالهم لأمر من الأمور إلا لأني الخ .

وجوز أيضاً كون الجار والمجرور نائب الفاعل { وَإِنَّمَا } على تقدير اللام ، قال في «الكشف » : ومعنى الحصر أنه صلى الله عليه وسلم لم يوح إليه لأمر إلا لأنه نذير مبين وأي مبين كقولك : لم تستقض يا فلان إلا لأنك عالم عامل مرشد .

وجوز الزمخشري أن يكون بعد حذف اللام مقاماً مقام الفاعل ، ومعنى الحصر أني لم أومر إلا بهذا لأمر وحده وليس إلى غير ذلك لأنه الأمر الذي يشتمل على كل الأوامر إما تضمناً وإما التزاماً أو لم أومر إلا بإنذاركم لا بهدايتكم وصدكم عن العناد فإن ذلك ليس إلى ، وما ذكر أولاً أوفق بحال الاعتراض كما لا يخفى على من ليس أجنبياً عن إدراك اللطائف . وقرأ أبو جعفر { إِنَّمَا } بالكسر على الحكاية أي ما يوحى إلى إلا هذه الجملة وإيحاؤها إليه أمر عليه الصلاة والسلام أن يقولها وحاصل معنى الحصر قريب مما ذكر آنفاً ، وجوز أن يراد لم أومر إلا بأن أقول لكم هذا القول دون أن أقول أعلم الغيب بدون وحي مثلاً فتدبر ولا تغفل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (70)

ولهذا قال : { إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي : ظاهر النذارة ، جليها ، فلا نذير أبلغ من نذارته صلى اللّه عليه وسلم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (70)

قوله تعالى : { إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين } قال الفراء : إن شئت جعلت ( ( أنما ) ) في موضع رفع ، أي : ما يوحى إلي إلا الإنذار ، وإن شئت جعلت المعنى : ما يوحى إلي إلا أني نذير مبين . وقرأ أبو جعفر : ( ( إنما ) ) بكسر الألف ، لأن الوحي قول .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : مر بنا خالد بن الحلاج ، فدعاه مكحول فقال : يا أبا إبراهيم حدثنا حديث عبد الرحمن بن عائش : قال : سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرمي يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " رأيت ربي في أحسن صورة ، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ قلت : أنت أعلم أي رب ، مرتين ، قال : فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت ما في السماء والأرض ، قال : ثم تلا هذه الآية { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين } ثم قال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ قلت : في الكفارات ؟ قال : وما هن ؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات ، والجلوس في المساجد خلف الصلوات ، وإبلاغ الوضوء أماكنه في المكاره ، قال : ومن يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ، ويكون من خطيئته كيوم ولدته أمه ، ومن الدرجات إطعام الطعام ، وبذل السلام ، وأن يقوم الليل والناس نيام ، قال : قل اللهم إني أسألك الطيبات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي ، وترحمني ، وتتب علي ، وإذا أردت فتنةً في قوم فتوفني غير مفتون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموهن فوالذي نفسي بيده إنهن لحق } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (70)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{إن} يعني إذ {يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين} رسول بيّن.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"إنْ يُوحَى إليّ إلاّ أنّمَا أنا نَذِيرٌ مُبِينٌ": يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لمشركي قريش: ما يوحي الله إليّ علم ما لا علم لي به، من نحو العلم بالملأ الأعلى واختصامهم في أمر آدم إذا أراد خَلقه، إلا لأني إنما أنا نذير مبين...

قوله: "إلا أنما أنا نَذِيرٌ مُبِينٌ": يقول: إلا أني نذير لكم مُبِين لكم إنذاره إياكم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{إِن يوحى إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ}... ومعناه: ما يوحى إليّ إلا للإنذار... ويجوز...: ما يوحى إليّ إلاّ هذا، وهو أن أنذر وأبلغ ولا أفرط في ذلك، أي ما أومر إلاّ بهذا الأمر وحده، وليس إليّ غير ذلك. وقرئ: «إنما» بالكسر على الحكاية، أي: إلاّ هذا القول، وهو أن أقول لكم: إنما أنا نذير مبين ولا أدعى شيئاً آخر. وقيل: النبأ العظيم: قصص آدم عليه السلام والإنباء به من غير سماع من أحد، وعن ابن عباس: القرآن. وعن الحسن: يوم القيامة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كانوا ربما قالوا في تعنتهم: فلعله مثل ما أوحي إليك بعلم ما لم تكن تعلم، يوحي إليك بالقدرة على ما لم تكن تقدر عليه، فتعجل لنا الموت ثم البعث لنرى ما أخبرتنا به من التخاصم مصوراً، لعلناً نصدقك فيما أتيت به، قال مجيباً لهم قاصراً للوحي على قصره على النذارة وهي إبلاغ ما أنزل إليه، لا تعجيل شيء مما توعدوا به: {إن} أي ما.

{يوحى} أي في وقت من الأوقات، وبناه للمفعول؛ لأن ذلك كاف في تنبيههم على موضع الإشارة في أن دعواه إنما هي النبوة لا الإلهية.

{إليّ إلا} ولما كان الوحي قولاً قرأ أبو جعفر بكسر {إنما أنا نذير} أي قصري على النذارة لا أني أنجز ما يتوعد به الله؛ فإنما مفعول يوحى القائم مقام الفاعل في القراءتين، وإن اختلف التوجيهان فالتقدير على قراءة الجماعة بالفتح: إلا الإنذار أو إلا كوني نذيراً، وعلى قراءة الكسر: إلا هذا القول وهو أني أقول لكم كذا {مبين} أي لا أدع لبساً فيما ابلغه بوجه من الوجوه...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{إِن يُوحَى إِلَيَّ} بما يريد الله لي أن أعرفه وأن أعرّفكم إيّاه، سواءٌ في تحديد مصدر المعلومات لديّ، أو في الدور الذي عهد الله به إليَّ، {إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} لأنذركم بالنار التي تنتظركم إذا كنتم كافرين، وهذا هو حديث الغيب الذي يُطلّ في نهايته على المسؤولية التي حددها الله في بداية خلق الإنسان أثناء حديثه للملائكة ولإبليس.