فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (70)

وجملة : { إِن يوحى إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } معترضة بين اختصامهم المجمل ، وبين تفصيله بقوله : { إِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة } . والمعنى : ما يوحى إليّ إلا أنما أنا نذير مبين . قال الفراء : المعنى ما يوحى إليّ إلا أنني نذير مبين أبين لكم ما تأتون من الفرائض ، والسنن ، وما تدعون من الحرام والمعصية . قال : كأنك قلت : ما يوحى إليّ إلا الإنذار . قال النحاس : ويجوز أن تكون في محل نصب ، بمعنى : ما يوحى إليّ إلا لأنما أنا نذير مبين . قرأ الجمهور بفتح همزة أنما على أنها وما في حيزها في محل رفع لقيامها مقام الفاعل ، أي : ما يوحى إليّ إلا الإنذار ، أو إلا كوني نذيراً مبيناً ، أو في محل نصب ، أو جرّ بعد إسقاط لام العلة ، والقائم مقام الفاعل على هذا الجارّ والمجرور . وقرأ أبو جعفر بكسر الهمزة ؛ لأن في الوحي معنى القول ، وهي : القائمة مقام الفاعل على سبيل الحكاية ، كأنه قيل : ما يوحى إليّ إلا هذه الجملة المتضمنة لهذا الإخبار ، وهو أن أقول لكم إنما أنا نذير مبين . وقيل : إن الضمير في { يختصمون } عائد إلى قريش ؛ يعني قول من قال منهم : الملائكة بنات الله ، والمعنى : ما كان لي علم بالملائكة إذ تختصم فيهم قريش ، والأوّل أولى .

/خ70