اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (70)

لما أمر الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - أن يذكر هذا الكلام على سبيل الرمز أمره أن يقول : { إِن يوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } يعني أنا ما عرفت هذه المخاصمة إلا بالوحي .

قوله : { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ } العامة على فتح همزة «أنَّما » وفيها وجهان :

أحدهما : أنها مع ما في خبرها في محل رفع لقيامها مقام الفاعل أي ما يوحى إلَيَّ إلا الإنذار أو إلا كوني نذيراً مبيناً .

والثاني : أنها في محل نصب أو جر بعْدَ إسقاط لام العلة والقائم مقام الفاعل على هذا الجار والمجرور أيْ ما يوحى إليّ إلاّ للإنذار ، أو لكوني نذيراً ، ويجوز أن يكون القائم مقام الفاعل على هذا ضميراً يدل عليه السياق أي ما يوحى إليّ ذَلِكَ الشيءُ إلا للإنذار . وقرأ أبو جعفر بالكسر ؛ لأن الوحي قول ، قاله البغوي . وهي القائمة مقام الفاعل على سبيل الحكاية كأنه قيل : ما يُوحَى إلَيَّ إلا هذه الجملة المتضمنة لهذا الإخْبار ، وقال الزمخشري : على الحكاية أي إلا هذا القول وهو أنْ أقولَ لكم إنَّمَا أَنَا نذيرٌ مبينٌ ولا أَدَّعِي شيئاً آخَرَ . قال أبو حيان : وفي تخريجه تعارض لأنه قال إلا هذا فظاهره الجملة التي هي «إنِما أنَا نذيرٌ مبين » ثم قال : وهو أن أقول لكم إني نذير ، فالقائم مقام الفاعل هو أن أقول لكم وإنِّي وما بعده في موضع نصب . وعلى قوله : «إلاّ هذا القول » يكون في موضع رفع فتَعَارَضَا .

قال شهاب الدين : ولا تعارض البتة لأنه تفسير معنى في التقدير الثاني وفي الأول تفسير إعراب فلا تعارض .