الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِن يُوحَىٰٓ إِلَيَّ إِلَّآ أَنَّمَآ أَنَا۠ نَذِيرٞ مُّبِينٌ} (70)

قوله : { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ } : العامَّةُ على فتح الهمزة " أنما " . وفيها وجهان ، أحدهما : أنها مع ما في حَيِّزها في محلِّ رفع لقيامِها مقامَ الفاعلِ أي : ما يُوْحَى إليَّ إلاَّ الإِنذارُ ، أو إلاَّ كَوْني نذيراً مبيناً . والثاني : أنها في محلِّ نصب أو جرٍ بعد إسقاطِ لامِ العلةِ . والقائم مقامَ الفاعلِ على هذا الجارُّ والمجرورُ أي : ما يُوْحى إليَّ إلاَّ للإِنذارِ أو لكَوْني نذيراً . ويجوز أَنْ يكونَ القائمُ مقامَ الفاعلِ على هذا ضميرِ ما يَدُلُّ عليه السِّياقُ أي : ما يُوْحى إليَّ ذلك الشيءُ إلاَّ للإِنذار .

وقرأ أبو جعفر بالكسر ، وهي القائمةُ مقامَ الفاعلِ على سبيلِ الحكايةِ ، كأنه قيل : ما يُوْحى إليَّ إلاَّ هذه الجملةُ المتضمنةُ لهذا الإِخبارِ . وقال الزمخشري : " على الحكاية أي : إلاَّ هذا القولُ وهو أنْ أقولَ لكم : إنما أنا نذيرٌ مبين ولا أدَّعي شيئاً آخرَ " . قال الشيخ : " وفي تخريجه تعارُضٌ لأنه قال : إلاَّ هذا القولُ ، فظاهرُه الجملةُ التي هي : { أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } . ثم قال : وهو أَن أقولَ لكم إني نذيرٌ فالمقامُ مقامُ الفاعلِ هو أَنْ أقولَ لكم ، وإنِّي وما بعده في موضعِ نصبٍ ، وعلى قولِه : " إلاَّ هذا القولُ " يكون في موضع رفع فتعارضا " . قلت : ولا تعارُضَ البتةَ ؛ لأنَّه تفسيرُ معنًى في التقدير الثاني ، وفي الأول تفسير إعرابٍ ، فلا تعارُضَ .