روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ} (19)

{ والله يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ } أي تضمرونه من العقائد والأعمال { وَمَا تُعْلِنُونَ } أي تظهرونه منهما ، وحذف العائد لمراعاة الفواصل أي يستوي بالنسبة إلى علمه سبحانه المحيط الأمران ، وفي تقديم الأول على الثاني تحقيق للمساواة على أبلغ وجه ، وفي ذلك من الوعيد والدلالة على اختصاصه تعالى بصفات الإلهية ما لا يخفى ، أما الأول : فلأن علم الملك القادر بمخالفة عبده يقتضي مجازاته ، وكثيراً ما ذكر علم الله تعالى وقدرته وأريد ذلك ، وأما الثاني : فبناء على ما قيل : إن تقديم المسند إليه في مثل ذلك يفيد الحصر ، ومن هنا قيل : إنه سبحانه أبطل شركهم للأصنام أولاً بقوله تعالى : { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } [ النحل : 17 ] وأبطله ثانياً بقوله تبارك اسمه : { والله يَعْلَمُ } الخ كأنه قيل : إنه تعالى عالم بذلك دون ما تشركون به فإنه لا يعلم ذلك بل لا يعلم شيئاً أصلاً فكيف يعد شريكاً لعالم السر والخفيات .

وفي «الكشف » أن في الجملة الأولى إشعاراً بأنه تعالى وما كلفهم حق الشكر لعدم الإمكان وتجاوز سبحانه عن الممكن إلى السهل الميسور ، وفي الثانية : ما يشعر بأنه قصروا في هذا الميسور أيضاً فاستحقوا العتاب .