{ فادخلوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } خطاب لكل صنف منهم أن يدخل باباً من أبواب جهنم ، والمراد بها اما المنفذ أو الطبقة ، ولا يجوز أن يكون خطاباً لكل فرد لئلا يلزم دخول الفرد من الكفار من أبواب متعددة أو يكون لجهنم أبواب بعدد الأفراد ، وجوز أن يراد بالأبواب أصناف العذاب ، فقد جاء إطلاق الباب على الصنف كما يقال : فلان ينظر في باب من العلم أي صنف منه وحينئذ لا مانع في كون الخطاب لكل فرد ، وأبعد من قال : المراد بتلك الأبواب قبور الكفرة المملوءة عذاباً مستدلاً بما جاء «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار » { خالدين فِيهَا } حال مقدرة أن أريد بالدخول حدوثه ، ومقارنة ان أريد به مطلق الكون ، وضمير { فِيهَا } قيل : للأبواب بمعنى الطبقات ، وقيل : لجهنم ، والتزم هذا وكون الحال مقدرة من أبعد ، وحمل الخلود على المكث الطويل للاستغناء عن هذا الالتزام وان كان واقعاً في كلامهم خلاف المعهود في القرآن الكريم { فَلَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين } أي عن التوحيد ، وذكرهم بعنوان التكبر للاشعار بعليته لثوائهم فيها ، وقد وصف سبحانه الكفار فيما تقدم بالاستكبار وهنا بالتكبر ، وذكر الراغب أنهما والكبر تتقارب فالكبر الحالة التي يتخصص بها الإنسان من اعجابه بنفسه ، والاستكبار على وجهين : أحدهما أن يتحرى الإنسان ويطلب أن يصير كبيراً ، وذلك متى كان على ما يحب وفي المكان الذي يحب وفي الوقت الذي يحب وهو محمود . والثاني أن يتشبع فيظهر من نفسه ما ليس له وهو مذموم ، والتكبر على وجهين أيضاً . الأول أن تكون الأفعال الحسنة كثيرة في الحقيقة وزائدة على محاسن غيره ، وعلى هذا وصف الله تعالى بالمتكبر . والثاني أن يكون متكلفاً لذلك متشبعاً وذلك في وصف عامة الناس ، والتكبر على الوجه الأول محمود وعلى الثاني مذموم ، والمخصوص بالذم محذوف أي جهنم أو أبوابها أن فسرت بالطبقات ؛ والفاء عاطفة ، واللام جيء بها للتأكيد اعتناء بالذم لما أن القوم ضالون مضلون كما ينبىء عنه قوله تعالى : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ النحل : 25 ] وللتأكيد اعتناء بالمدح جيء باللام أيضاً فيما بعد من قوله سبحانه : { وَلَدَارُ الاخرة خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ المتقين } [ النحل : 30 ] لأن أولئك القوم على ضد هؤلاء هادون مهديون ، وكأنه لعدم هذا المقتضى في آيتي الزمر والمؤمن لم يؤت باللام ، وقيل : { فَلَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين } [ الزمر : 72 ] وقيل : التأكيد متوجه لما يفهم من الجملة من أن جهنم مثواهم ، وحيث أنه لم يفهم من الآيات قبل هنا فهمه منها قبل آيتي تينك السورتين جيء بالتأكيد هناك ولم يجىء به هنا اكتفاء بما هو كالصريح في إفادة أنها مثواهم مما ستسمعه إن شاء الله تعالى هناك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.