روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ٱذۡهَبَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ} (43)

{ اذْهَبَا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى } وروي أنه أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى عليهما السلام ، وقيل : ألهم ذلك ، وقيل : سمع بإقباله فتلقاه ، ويحتمل أنه ذهب إلى الطور واجتمعا هناك فخوطبا معاً ، ويحتمل أن هذا الأمر بعد إقبال موسى عليه السلام من الطور إلى مصر واجتماعه بهارون عليه السلام مقبلاً إليه من مصر ، وفرق بعضهم بين هذا ، وقوله تعالى : { اذهب أَنتَ وَأَخُوكَ } [ طه : 42 ] بأنه لم يبين هناك من يذهب إليه وبين هنا ، وبعض آخر بأنه أمرا هنا بالذهاب إلى فرعون وكان الأمر هناك بالذهاب إلى عموم أهل الدعوة ، وبعض آخر بأنه لم يخاطب هارون هناك وخوطب هنا ، وبعض آخر بأن الأمر هناك بذهاب كل منهما على الانفراد نصاً أو احتمالاً والأمر هنا بالذهاب على الاجتماع نصاً ، ولا يخفى ما في بعض هذه الفروق من النظر ، والفرق ظاهر بين هذا الأمر والأمر في قوله تعالى أولاً خطاباً لموسى عليه السلام { اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى . }

من باب الإشارة : { اذهبا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى } [ طه : 43 ] جاوز الحد في المعصية حتى ادعى الربوبية وذلك أثر سكر القهر الذي هو وصف النفس الأمارة ويقابله سكر اللطف وهو وصف الروح ومنه ينشأ الشطح ودعوى الأنانية قالوا : وصاحبه معذور وإلا لم يكن فرق بين الحلاج مثلا وفرعون . وأهل الغيره بالله تعالى يقولون : لا فرق .