{ قَالَ } استئناف كما مر ، ولعل إسناد الفعل إلى ضمير الغيبة كما قيل للإشعار بانتقال الكلام من مساق إلى مساق آخر فإن ما قبله من الأفعال الواردة على صيغة التكلم حكاية لموسى عليه السلام بخلاف ما سيأتي إن شاء الله تعالى : { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعلى } [ طه : 68 ] فإن ما قبله أيضاً وارد بطريق الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قيل : فما ذا قال لهما ربهما عند تضرعهما إليه سبحانه ؟ فقيل : قال أي لهما { لاَ تَخَافَا } مما ذكرتما .
وقوله تعالى : { إنني مَعَكُمَا } تعليل لموجب النهي ومزيد تسلية لهما ، والمراد بمعيته سبحانه كمال الحفظ والنصرة كما يقال : الله تعالى معك على سبيل الدعاء وأكد ذلك بقوله تعالى : { أَسْمَعُ وأرى } وهو بتقدير المفعول أي ما يجري بينكما وبينه من قول وفعل فافعل في كل حال ما يليق بها من دفع شر وجلب خير .
وقال القفال : يحتمل أن يكون هذا في مقابلة القول السابق ويكونان قد عنيا أننا نخاف أن يفرط علينا بأن لا يسمع منا أو أن يطغى بأن يقتلنا فأجابهم سبحانه بقوله : { إنني مَعَكُمَا أَسْمَعُ } أي كلامكما فأسخره للاستماع { وأرى } أفعاله فلا أتركه يفعل بكما ما تكرهانه فقدر المفعول أيضاً لكنه كما ترى ، وقال الزمخشري : جائز أن لا يقدر شيء ، وكأنه قيل : أنا حافظ لكما وناصر سامع مبصر وإذا كان الحافظ والناصر كذلك تم الحفظ ، وهو يدل على أنه لا نظر إلى المفعول وقد نزل الفعل المتعدي منزلة اللازم لأنه أريد تتميم ما يستقل به الحفظ والنصرة وليس من باب قول المتنبي :
شجو حساده وغيظ عداه *** أن يرى مبصر ويسمع واع
على ما زعم الطيبي ، واستدل بالآية على أن السمع والبصر صفتان زائدتان على العلم بناءً على أن قوله تعالى : { إِنَّنِي مَعَكُمَا } دال على العلم ولو دل { أَسْمَعُ وأرى } عليه أيضاً لزم التكرار وهو خلاف الأصل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.