ما الفائدة في تكرير قوله { اذهبا إلى فرعون } ؟ والجواب بعد التقرير والتأكيد أمرهما أن يشتغلا بأداء الرسالة معاً لا أن ينفرد به موسى ، أو الأول أمر بالذهاب إلى كل بني إسرائيل والقبط ، والثاني مخصوص بفرعون الطاغي . ثم إنه خوطب كلاهما وموسى حاضر فقط لأنه أصل ، أو هو كقوله { وإذ قتلتم نفساً } [ البقرة : 72 ] والقاتل واحد منهم . ويحتمل أن هارون قد حضر وقتئذ فقد روى أن الله عز وجلّ أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى . وقيل : ألهم بذلك . وقيل : سمع بخبره فتلقاه .
سؤال : لم أمرا بتليين القول للعدوّ المعاند ؟ جوابه لأن من عادة الجبابرة إذا أغلظ لهم في الكلام أن يزدادوا عتواً وعلواً . وقيل : لما له من حق تربية موسى شبه حق الأبوة . وكيف ذلك القول اللين ؟ الأصح انه نحو قوله تعالى { هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى } [ النازعات : 18 ، 19 ] لأن ظاهره الاستفهام والمشورة وعرض ما فيه صلاح الدارين . وقيل : أراد عداه شباباً لا يهرم بعده ، وملكاً لا ينزع منه إلا بالموت ، وأن يبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته . حكى عمرو بن دينار قال : بلغني أن فرعون عمر أربعمائة وتسعاً وستين سنة . فقال له موسى : إن أطعتني فلك مثل ما عمرت فإذا مت فلك الجنة . وقيل : أراد كنياه وهو من ذوي الكنى الثلاث : أبو العباس وأبو الوليد وأبو مرة . ويحتمل أن يكون أمر بالقول اللين لأنه كان في موسى حدة وخشونة . بحيث إذا غضب اشتعلت قلنسوته ناراً فعالج حدته باللين ليكون حليماً في أداء الرسالة . ومعني الترجي في { لعله } يعود إلى موسى وأخيه أي اذهبا على رجائكما وباشرا الأمر مباشرة من يرجو أن يثمر سعيه فعساه يتذكر بأن يرجع من الإنكار إلى الحق رجوعاً كلياً إذا تأمل فأنصف { أو يخشى } فيقل : إنكاره وإصراره . قالت المعتزلة : جدوى إرسالهما إليه مع العلم بأنه لن يؤمن قطع المعذّرة وإلزامه الحجة . وقالت الأشاعرة : العقول قاصرة عن معرفة سر القدر ولا سبيل إلا التسليم وترك الاعتراض والسكوت بالقلب واللسان . قالوا : إنه كمن يدفع سكيناً إلى من علم قطعاً أنه يمزق بطن نفسه ثم يقول : إني ما أردت بدفع السكين إليه إلا الإحسان . ويروى عن كعب أنه قال : والذي يحلف به كعب إنه مكتوب في التوراة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.