روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا مِنۡ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (22)

{ كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا } أي أشرفوا على الخروج من النار ودنوا منه حسبما يروى أنها تضربهم بلهبها فترفعهم فإذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفاً ، فالإرادة مجاز عن الإشراف والقرب كما في قوله تعالى : { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ } [ الكهف : 77 ] وجعل بعضهم ضمير { مِنْهَا } للثياب وهو ركيك ، وقوله تعالى : { مِنْ غَمّ } بدل اشتمال من ضمير { مِنْهَا } بإعادة الجار والرابط محذوف والتنكير للتفخيم ، والمراد من غم عظيم من غمومها أو مفعول له للخروج أي كلما أرادوا الخروج منها لأجل غم عظيم يلحقنهم من عذابها ، والغم أخوالهم وهو معروف ، وقال بعضهم : هو هنا مصدر غممت الشيء أي غطيته أي كلما أرادوا أن يخرجوا من تغطية العذاب لهم أو مما يغطيهم من العذاب { أُعِيدُواْ فِيهَا } أي في قعرها بأن ردوا من أعاليها إلى أسافلها من غير أن يخرجوا منها إذ لا خروج لهم كما هو المشهور من حالهم ، واستدل له بقوله تعالى : { وَمَا هُم بخارجين } [ البقرة : 167 ] وفي اختيار { فِيهَا } دون إليها إشعار بذلك ، وقيل الإعادة مجاز عن الإبقاء ، وقيل التقدير كلما أرادوا أن يخرجوا منها فخرجوا أعيدوا فيها فالإعادة معلقة على الخروج وحذف للإشعار بسرعة تعلق الإرادة بالإعادة ويجوز أن يحصل لهم ، والمراد من قوله تعالى : { وَمَا هُم بخارجين } [ البقرة : 167 ] نفي الاستمرار أي لا يستمرون على الخروج لا استمرار النفي ، وكثيراً ما يعدى العود بفي لمجرد الدلالة على التمكن والاستقرار ، وقال بعضهم : إن الخروج ليس من النار وإنما هو من الأماكن المعدة لتعذيبهم فيها ، والمعنى كلما أراد أحدهم أن يخرج من مكانه المعد له في النار إلى مكان آخر منها فخرج منه أعيد فيه وهو كما ترى ، وهذه الإعادة على ما قيل بضرب الزبانية إياهم بالمقامع ، وقوله تعالى : { وَذُوقُواْ } على تقدير قول معطوف على { أُعِيدُواْ } أي وقيل لهم ذوقوا { عَذَابَ الحريق } قد مر الكلام فيه ، والأمر للإهانة .