فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كُلَّمَآ أَرَادُوٓاْ أَن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا مِنۡ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (22)

{ كُلَّمَا أَرَادُوا } الإرادة هنا مجاز عن القرب { أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا } أي من النار { مِنْ } أجل { غَمٍّ } شديد من غموم النار يأخذ بأنفاسهم وهو بدل اشتمال من منها بإعادة الجار أو الأولى لابتداء الغاية ، والثانية بمعنى من اجل أي من أجل غم يلحقهم فخرجوا .

{ أُعِيدُوا فِيهَا } أي ردوا إليها بالضرب بالمقامع ، وهي الجزر من الحديد ، والمراد إعادتهم إلى معظم النار لا أنهم ينفصلون عنها بالكلية ثم يعودون إليها ، عن سلمان قال : النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبها ولا جمرها ، ثم قرأ . كلما أرادوا الآية { و } قيل لهم { ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } أي المحرق الغليظ المنتشر العظيم الإهلاك البالغ نهاية الإحراق وأصل الحريق الاسم من الاحتراق تحرق الشيء بالنار واحتراق حرقة واحتراقا ، والذوق مماسة يحصل معها إدراك الطعم ، وهو هنا توسع ، والمراد به إدراك الألم ، قال الزجاج : وهذا لأحد الخصمين ، وقال في الخصم الآخر وهم المؤمنون .