روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٞ} (61)

{ ذلك } إشارة إلى النصر المدلول عليه بقوله تعالى : { لَيَنصُرَنَّهُ } [ الحج : 60 ] وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبته ، وقيل لعدم ذكر المشار إليه صريحاً ، ومحله الرفع على الابتداء وخبره قوله سبحانه : { ذلك بِأَنَّ الله يُولِجُ اليل في النهار وَيُولِجُ النهار في } والباء فيه سببية ، والسبب ما دل عليه ما بعد بطريق اللزوم أي ذلك النصر كائن لسبب أن الله تعالى شأنه قادر على تغليب بعض مخلوقاته على بعض والمداولة بين الأشياء المتضادة ومن شأنه ذلك .

وعبر عن ذلك بإدخال أحد الملوين في يالآخر بأن يزيد فيه ما ينقص من الآخر كما هو الأوفق بالإيلاج أو بتحصيل أحدهما في مكان الآخر كما قيل لا بأن يجعل بن كل نهارين ليلاً وبين كل ليلين نهاراً كما قد توهم لكونه أظهر المواد وأوضحها أو كائن بسبب أنه تعالى خالق الليل والنهار ومصرفهما فلا يخفى ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير والشر والبغي والانتصار كما قيل ، وعلى الأول قوله تعالى : { وَأَنَّ الله سَمِيعٌ } بكل المسموعات التي من جملتها ما يقول المعاقب { بَصِيرٌ } بكل المبصرات التي من جملتها ما يقع منه من الأفعال من تتمة الحكم لا بد منه إذ لا بد للناصر من القدرة على نصر المظلوم ومن العلم بأنه كذلك ، وعلى الثاني هو تتميم وتأكيد والأول أولى ، وقيل : لا يبعد أن يكون المعنى ذلك النصر بسبب تعاقب الليل والنهار وتناوب الأزمان والأدوار إلى أن يجيء الوقت الذي قدوه الملك الجبار لانتصار المظلوم وغلبته ، وفيه أنه لا محصل له ما لم يلاحظ قدرة الفاعل لذلك ، وقيل : يجوز أن تكون الإشارة إلى الاتصاف بالعفو والغفران أي ذلك الاتصاف بسبب أنه تعالى لم يؤاخذ الناس بذنوبهم فيجعل الليل والنهار سرمداً فتتعطل المصالح ، وفيه أنه مع كون لا يناسب السياق غير ظاهر لاسيما إذا لوحظ عطف قوله تعالى : { وَأَنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ } على مدخول الباء فيما قبل ، نعم الإشارة إلى الاتصاف

في قوله تعالى :