فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٞ} (61)

{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } إشارة إلى ما تقدم من نصر الله سبحانه للمبغي عليه والباء للسببية ، أي ذلك النصر بسبب أنه سبحانه قادر ، ومن كمال قدرته إيلاج الليل في النهار والنهار في الليل . قاله الرازي . وقال البيضاوي : قادر على تقليب الأمور بعضها على بعض ، جارية عادته على المداولة بين الأشياء المتعاندة ، وعبر عن الزيادة بالإيلاج لأن زيادة أحدهما تستلزم نقصان الآخر .

وقيل يجعل ظلمة الليل مكان ضياء النهار ، وذلك بغيبوبة الشمس ، ويجعل ضياء النهار مكان ظلمة الليل بطلوع الشمس ، فالمراد تحصيل أحد العرضين في محل الآخر ، وقد مضى في آل عمران معنى هذا الإيلاج .

{ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ } يسمع كل مسموع لا يشغله سمع عن سمع { بَصِيرٌ } يبصر كل مبصر ، أو سميع للأقوال وإن اختلفت في النهار الأصوات بفنون اللغات ، بصير بما يفعلون لا يستتر عنه شيء بشيء في الليالي وإن توالت الظلمات فلا يعزب عنه مثقال ذرة