و { لَوْ } في قوله تعالى : { فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } مستعملة في التمني بدليل نصب قوله سبحانه : { فَنَكُونَ مِنَ المؤمنين } في جوابها وأصلها لو الامتناعية وحيث أن التمني يكون لما يمتنع أريد بها ذلك مجازاً مرسلاً أو استعارة تبعية ثم شاع حتى صارت كالحقيقة في ذلك ، وقيل : هي حقيقة فيما ذكر ؛ وقيل : أصلها المصدرية وليس بشيء .
والمعنى فليت لنا رجعة إلى الدنيا فإن نكون من المؤمنين فلا ينالنا إذا متنا فبعثنا مثل ما نحن فيه من العذاب الذي لا ينفع فيه أحد ، وجوز كون لو شرطية وجوابها محذوف والتقدير لفعلنا من الخيرات كيت وكيت أو لخلصنا من العذاب أو لكان لنا شفعاء وأصدقاء أو ما أضلنا المجرمون ، والتقدير الأول أجزل ، ويقدر المحذوف بعد { فَنَكُونَ } الخ لأن المصدر المتحصل منه معطوف على { كَرَّةٌ } أي فلو أن لنا كرة فنكونا من المؤمنين لفعلنا الخ .
وتعقب شيخ الإسلام ذلك بأنه إنما يفيد تحقق مضمون الجواب على تقدير تحقق كرتهم وإيمانهم معاً من غير دلالة على استلزام الكرة للإيمان أصلاً مع أنه المقصود حتماً ، وفي قوله : من غير دلالة الخ بحث على ما قيل حيث يمكن أن يقال : حاصل الآية إن تيسر لنا الرجعة والإيمان المتعقب إياها لفعلنا من عبادات أهل الإيمان ما يقصر عنه العبارة ، والتزام ثمرات الإيمان التزام للإيمان أولاً ، ومقصودهم بيان استلزام الرجعة لفعل الخيرات كلها ، وأما نفس الإيمان بعد هذه المشاهدة فلا يحتاج إلى البيان .
وقال بعض الناس : إن قولهم { فَنَكُونَ مِنَ المؤمنين } بمعنى فنكون من المقبول إيمانهم وقبول الله تعالى إيمانهم لا يترتب على رجعتهم البتة بل يجوز أن يتخلف فلا بد أن يكون مرادهم إن تيسر لنا الرجعة وإن قبل إيماننا لفعلنا الخ فليس المقصود الدلالة على استلزام الكرة للإيمان كما زعم شيخ الإسلام ، ونوقش فيه بأن تيسر الرجعة إنما يكون لرحمة الله تعالى وعفوه وهي تستلزم قبول إيمانهم ، والحق أنه لا ينبغي الالتفات إلى احتمال شرطية لو والتكلف له مع جزالة المعنى الظاهر المتبادر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.