السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (102)

ولما وقعوا في هذا الهلاك وانتفى عنهم الخلاص تسبب عنه تمنيهم المحال فقالوا : { فلو أن لنّا كرّة } أي : رجعة إلى الدنيا { فنكون من المؤمنين } أي : الذين صار الإيمان لهم وصفاً لازماً فأزلفت لهم الجنة .

تنبيه : انظر ما أحسن ما رتب إبراهيم عليه السلام كلامه مع المشركين حين سألهم أوّلاً عما يعبدون سؤال مقرر لا مستفهم ثم أنحى على آلهتهم فأبطل أمرها بأنها لا تضرّ ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع وعلى تقليدهم آباؤهم الأقدمين فكسره وأخرجه من أن يكون شبهة فضلاً عن أن يكون حجة ، ثم صور المسألة في نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله عز وجل فعظم شأنه وعدد نعمته من لدن خلقه وإنشائه إلى حين وفاته مع ما يرجى في الآخرة من رحمته ، ثم أتبع ذلك أن دعاه بدعوات المخلصين وابتهل إليه ابتهال الأوابين ، ثم وصله بذكر يوم القيامة وثواب الله تعالى وعقابه وما يدفع إليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال وتمني الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا .