اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (102)

قوله : { فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } لَوْ{[37497]} يجوز أن تكون المُشرَبَة معنى{[37498]} التمني ، فلا جواب لها على المشهور ، ويكون نصب " فَنَكُونَ " جواباً للتمني الذي أَفْهَمتهُ " لَوْ " {[37499]} ويجوز أن تكون على بابها ، وجوابها محذوف ، أي : لوَجَدْنا شفعاء وأصدقاء ، أو لعملنا صالحاً{[37500]} وعلى هذا فنصب الفعل ب " أن " مضمرة عطفاً على " كرة " أي : لو أنَّ لَنَا كَرَّةً ( فكوناً ){[37501]} كقولها :

3910 _ لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي{[37502]} *** . . .

فصل :

قال الجبائي : قولهم : { فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ليس بخبر عن إيمانهم ، لكنه خبر عن عزمهم ، لأنه لو كان خبراً عن إيمانهم لوجب أن يكون صدقاً ، لأن الكذب لا يقع من أهل الآخرة ، وقد أخبر الله تعالى بخلاف ذلك في قوله : { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ }{[37503]} [ الأنعام : 28 ] وقد تقدم في سور الأنعام بيان فساد هذا الكلام{[37504]} .


[37497]:لو: سقط من ب.
[37498]:في ب: معنى.
[37499]:انظر الكشاف 3/120، البيان 2/215، أمالي ابن الشجري 1/280، البحر المحيط 7/20.
[37500]:انظر الكشاف 3/120، التبيان 2/998، البحر المحيط 7/20.
[37501]:فكوناً: تكملة ليست في المخطوط.
[37502]:صدر بيت من الوافر قالته ميسون بنت بحدل زوج معاوية بن أبي سفيان وعجزه: أحبُّ إليَّ من لبس الشُّفوف *** ... وهو في الكتاب 3/45، المقتضب 2/26، أمالي ابن الشجري 1/280، ابن يعيش 7/25، المغني 1/267، 283، 2/361، 479، 551، التصريح 2/244، الهمع 2/17، شرح شواهد المغني 2/653، 778، الأشموني 3/313، الخزانة 8/593، الدرر 2/10. العباءة: جبة الصوف. قرَّت عينه: بردت، كناية عن السرور والرضا. الشفوف: جمع شف- بكسر السين وفتحها- وهو الثوب الرقيق يصف البدن. والشاهد فيه نصب (تقر) بإضمار (أن) بعد الواو، ليعطف على اللبس، لأنه اسم و (تقر) فعل، فلا يمكن عطفه عليه، فحمل على إضمار (أن)، لأن (أن) وما بعدها اسم، فعطف اسماً على اسم وجعل الخبر عنهما واحداً، وهو (أحب).
[37503]:[الأنعام: 28]. وانظر الفخر الرازي 24/153.
[37504]:انظر اللباب 3/398-399.