روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ ٱلۡقَالِينَ} (168)

{ قَالَ إني لِعَمَلِكُمْ مّنَ القالين } أي من المبغضين غاية البغض ، قال الراغب : يقال قلاه ويقليه فمن جعله من الواو فهو من القلو أي الرمى من قولهم : قلت الناقة براكبها قلوا وقلوت بالقلة إذا رميتها فكأن المقلو يقذفه القلب من بغضه فلا يقبله . ومن جعله من الياء فهو من قليت السويق على المقلاة فكأن شدة البغض تقلى الفؤاد والكبد وتشويهما ، فقول أبي حيان : أن قلى بمعنى أبغض يائي ، والذي بمعنى طبح وسوى واوى ناش من قلة الاطلاع ، والعدول عن قالى إلى ما في النظم الجليل لأنه أبلغ فإنه إذا قيل : قالي لم يفد أكثر من تلبسه بالفعل بخلاف قوله : { مّنَ القالين } إذ يفيد أنه مع تلبسه من قوم عرفوا واشتهروا به فيكون راسخ القدم عريق العرف فيه ، وقد صرح بذلك ابن جنى . وغيره ، واللام في «لعملكم » قيل للتبيين كما في سقيا لك فهو متعلق بمحذوف أعني أعني ، وقيل : هي للتقوية ومتعلقها عند من يرى تعلق حرف التقوية محذوف أي إني من القالين لعملكم من القالين . وقيل : هي متعلقة بالقالين المذكور ويتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها فتقدم حيث لا يقدم غيرها ، والمراد بعملهم إما ما أنكره عليه السلام عليهم من اتيان الذكران وترك ما خلق ربهم سبحانه لهم وإما ما يشمل ذلك وسائر ما نهاهم عنه وأمرهم بضده من الأعمال القلبية والقالبية ، وقابل عليه السلام تهديدهم ذلك بما ذكر تنبيهاً على عدم الاكتراث به وأنه راغب في الخلاص من سوء جوارهم لشدة بغضه لعملهم ولذلك أعرض عن محاورتهم وتوجه إلى الله تعالى قائلاً : { رَبّ نَّجِنِى وَأَهْلِى مِمَّا يَعْمَلُونَ } .