{ وَتَوكَّلْ عَلَى العزيز الرحيم } فهو سبحانه يقهر من يعصيك منهم ومن غيرهم بعزته وينصرك برحمته ، وتقديم وصف العزة قيل لأنه أوفق بمقام التسلي عن المشاق اللاحقة من القوم إليه صلى الله عليه وسلم ، وجوز أن يكون ذلك لأن العزة كالعلة المصححة للتوكل والرحمة كالعلة الداعية إليه ، وفسره غير واحد بتفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره ويقدر على أن ينفعه ويضره . وقالوا : المتوكل من إن دهمه أمر لم يحاول دفعه عن نفسه بما هو معصية لله تعالى ، وذكر بعضهم أن هذا من أحط مراتب التوكل وأدناها ، ونقل عن بعض العارفين أنه فيما بين الناس على ثلاث درجات . الأولى : التوكل مع الطلب ومعاطاة السبب على نية شغل النفس ونفع الخلق وترك الدعوى ، والثانية : التوكل مع إسقاط الطلب وغض العين عن السبب اجتهاداً في تصحيح التوكل وقمع تشرف النفس تفرغاً إلى حفظ الواجبات . والثالثة : التوكل مع معرفة التوكل النازعة إلى الخلاص من علة التوكل . وذلك أن يعلم أن الله تعالى لم يترك أمراً مهملاً بل فرغ من الأشياء كلها وقدرها وشأنه سبحانه سوق المقادير إلى المواقيت ، فالمتوكل من أراح نفسه من كد النظر والمطالعة السبب سكونا إلى ما سبق من القسمة مع استواء الحالين وهو أن يعلم أن الطلب لا ينفع والتوكل لا يمنع ومتى طالع بتوكله عوضاً كان توكله مدخولاً وقصده معلولاً وإذا خلص من رق الأسباب ولم يلاحظ في توكله سوى خالص حق الله تعالى كفاه الله تعالى كل مهم . وبين العلامة الطيبي أن في قوله تعالى : { وَتَوَكَّلْ } الخ إشارة إلى المراتب الثلاث بما فيه خفاء .
وفي مصاحف أهل المدينة . والشام «فتوكل » بالفاء . وبه قرأ نافع . وابن عامر . وأبو جعفر . وشيبة . وخرج على الإبدال من جواب الشرط . وجعل في الكشاف الفاء للعطف وما بعده معطوفاً على { فَقُلْ } [ الشعراء : 216 ] أو { فَلاَ تَدْعُ } [ الشعراء : 213 ] وما ذكر أولاً أظهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.