روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ} (24)

{ كُلُواْ واشربوا } بإضمار القول أي يقال فيها ذلك وجمع الضمير رعاية للمعنى { هَنِيئَاً } صفة لمحذوف وقع مفعولاً به والأصل أكلاً وشرباً هنيئاً أي غير منغصين فحذف المفعول به وأقيمت صفته مقامه وصح جعله صفة لذلك مع تعدده لأن فعيلاً يستوي فيه الواحد فما فوقه وجعل بعضهم المحذوف مصدراً وكذا صفته أعني هنيئاً ووجه عدم تثنيته بأن المصدر يتناول المثنى أيضاً فلا تغفل وجوز أن يكون نصباً على المصدرية لفعل من لفظه وفعيل من صيغ المصادر كما أنه من صيغ الصفات أي هنئتم هنيئاً والجملة في موضع الحال والكلام في مثلها مشهور { بِمَا أَسْلَفْتُمْ } بمقابلة ما قدمتم من الأعمال الصالحة { في الايام الخالية } أي الماضية وهي أيام الدنيا وقيل أي الخالية من اللذائذ أي الحقيقية وهي أيام الدنيا أيضاً وقيل أي التي أخليتموها من الشهوات النفسانية وحمل عليه ما روى عن مجاهد وابن جبير ووكيع من تفسير هذه الأيام بأيام الصيام وأخرج ابن المنذر عن يعقوب الحنفي قال بلغني أنه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى يا أوليائي طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة وغارت أعينكم وخمصت بطونكم فكونوا اليوم في نعيمكم وكلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية والظاهر إن ما على تفسير الأيام الخالية بأيام الصيام غير محمولة على العموم والعموم في الآية هو الظاهر .