الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ} (24)

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية } قال : أيامكم هذه أيام خالية فانية تؤدي إلى أيام باقية فاعملوا في هذه الأيام وقدموا خيراً إن استطعتم ولا قوّة إلا بالله .

وأخرج ابن المنذر عن يوسف بن يعقوب الحنفي قال : بلغني أنه إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى : يا أوليائي طال ما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة وغارت عينكم وجفت بطونكم ، كونوا اليوم في نعيمكم وكلوا واشربوا { هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية } .

وأخرج ابن المنذر وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن رفيع في قوله : { بما أسلفتم في الأيام الخالية } قال : الصوم .

وأخرج البيهقي عن نافع قال : خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له ووضعوا سفرة لهم فمر بهم راعي غنم ، فسلم فقال ابن عمر : هلم يا راعي ، هلم فأصب من هذه السفرة ، فقال له : إني صائم ، فقال ابن عمر : أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم ؟ فقال له : إني والله أبادر أيامي الخالية ، فقال له ابن عمر ، وهو يريد أن يختبر ورعه : فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها فتفطر عليه ؟ فقال : إنها ليست لي بغنم ، إنها غنم سيدي . فقال له ابن عمر : فما عسى سيدك فاعلاً إذا فقدها فقلت أكلها الذئب ؟ فولى الراعي عنه ، وهو رافع إصبعه إلى السماء ، وهو يقول : فأين الله ؟ قال : فجعل ابن عمر يردد قول الراعي ، وهو يقول : قال الراعي : فأين الله ؟ فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه فاشترى منه الغنم والراعي ، فأعتق الراعي ووهب منه الغنم .