الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{كُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡأَيَّامِ ٱلۡخَالِيَةِ} (24)

و{ بِمَا أَسْلَفْتُمْ } معناه بِمَا قَدَّمْتُمْ من الأَعْمَالِ الصالحةِ ، و{ الأيام الخالية } هي أيام الدنيا : لأنها في الآخرة قَدْ خَلَتْ وذَهَبَتْ ، وقال وكيع وغيره : المرادُ ب«ما أسلفتم » من الصوم ، وعموم الآية في كل الأعمال أوْلى وأحسن ، ( ت ) : ويدلُّ على ذلك الآيةُ الأخرى { كُلُواْ واشربوا هنيائا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } قال ابن المبارك في «رقائقه » : أخبرنا مالك بن مغول أنّه بلغَه أنّ عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال : حَاسِبُوا أنفُسَكم قبل أن تحاسَبُوا ؛ فإنَّه أهْونُ أو أيْسَرُ لحسابِكم ، وزنوا أنفسَكم قبل أن تُوزَنُوا ، وتجهَّزُوا للعرْضِ الأَكْبَرِ { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ } قال ابن المبارك : أخبرنا معمر عن يحيى بن المختارِ ، عن الحسن قال : إن المؤمِنَ قَوَّامٌ على نفسه ، يحاسبُ نفسَه للَّه ، وإنما خَفَّ الحسابُ يوم القيامة عَلَى قومٍ حَاسَبُوا أنفسهم في الدنيا ، وإنَّما شَقَّ الحسابُ يومَ القيامةِ على قومٍ أَخَذُوا هذا الأَمْرَ عن غير محاسبةٍ ، انتهى .