التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

قوله تعالى : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون 52 أتواصوا به بل هم قوم طاغون 53 فتول عنهم فما أنت بملوم 54 وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين 55 وما خلق الجن والإنس إلا ليعبدون 56 ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون 57 إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين 58 فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون 59 فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون } .

في هذه الآيات جملة من المعاني العظام ، جديرة بالتدبر ، للإعتبار والادكار وأول ذلك ما يفيض الله به من رحمته على نبيه صلى الله عليه وسلم إذ يسرّي عنه ، كيلا يبتئس ولا يحزن بتكذيب قومه وإيذائهم له . ثم الأمر من الله بتذكير عباده بالموعظة الحسنة والقرآن الحكيم لكي يرشدوا ويهتدوا . ثم الإعلان من الله بأنه خلق الجن والإنس ليعبدوه .

قوله : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون } الكاف في قوله : { كذلك } في موضع رفع ، لأنها خبر لمبتدأ محذوف ، وتقديره : الأمر كذلك {[4346]} أو في موضع نصب ، صفة لمصدر محذوف . أي أنذركم إنذارا كإنذار من تقدمني من الرسل . وهذه تسلية من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ، إذ يبين له أنه كما كذبك قومك المشركون وافتروا عليك بفحش القول من القذف بالسحر والكهانة والكذب والجنون وغير ذلك ، فقد كذب المشركون السابقون رسلهم وقالوا مثل قولهم .


[4346]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 393.