قوله : «كَذَلِكَ » فيه وجهان :
أظهرهما : أنه خبر مبتدأ محذوف أي الأمرُ{[52996]} مِثْلُ ذلك ، ( قال الزمخشري ){[52997]} : والإشارة بذلك{[52998]} إلى تكذيبهم الرسول وتسميته ساحراً ومجنوناً{[52999]} . ثم فسَّر ما أجمل بقوله : «مَا أَتى » .
والثاني : أن الكاف في محل نصب نعتاً لمصدر محذوف . قاله مكي{[53000]} . ولم يبين تَقْدِيرَهُ . ولا يصح أن ينتصب بما بعده لأجل ما النافية . وأما المعنى فلا يمتنع ، ولذلك قال الزمخشري : ولا يصح أن يكون الكاف منصوبة ب «أَتَى » لأن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلَها ؛ ولو قيل : لم يأت لكان صحيحاً{[53001]} ، يعني لو أتى في موضع «مَا » ب «لم » لجاز أن ينتصب الكاف ب «أَتَى » لأن المعنى يسوغ عليه ، والتقدير : كَذَّبَتْ قُرَيْشٌ تكذيباً مِثْلَ تَكْذِيبِ الأُمَم السَّابِقَة رُسُلَهُمْ . ويدل عليه قوله : { مَا أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ } الآية .
قوله : { إِلاَّ قَالُواْ } الجملة القولية في محل نصب على الحال من : { الذين مِن قَبْلِهِمْ } و«مِنْ رَسُولٍ » فاعل : «أتى » كأنه قيل : ما أتى الأولينَ رسولٌ إلاَّ في حال قولهم : هُوَ سَاحِرٌ .
فإن قيل : إن من الأنبياء من قرر دين النبي الذي كان قبله وبقي القوم على ما كانوا عليه كأنبياء بني إسرائيل وكيف وآدم لما أرسل لَمْ يُكَذّبْ ؟ ! .
فالجواب : أنا لا نسلم أن المقرر رسول ، بل هو نبي على دين رسولٍ ومن كَذَّب رَسُولَه فهو يكذبه أيضاً ضرورةً .
فإن قيل : قوله : { ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا } يدل على أنهم كلّهم قالوا : ساحر والأمر ليس كذلك لأن ما مِنْ رسول إلا وآمن به قومٌ وهم ما قالوا ذلك ! .
فالجواب : أن ذلك ليس بعَامٍّ ، فإنه لم يقل : إلا قال كلهم وإنما قال : «إلاَّ قَالوا » ولما كان كثير منهم قابلينَ ذلك قال الله تعالى : إِلاَّ قَالُوا .
فإن قيل : لِمَ لمْ يذكر المصدّقين كما ذكر المُكَذّبين ، وقال : إِلاَّ بَعْضُهُمْ صدقتَ وبعضهم كذبتَ ؟ .
فالجواب : لأن المقصود التسلية وهي على التكذيب ، فكأنه تعالى قال : لا تأسَ على تكذيب قومِكَ ، فإن أقواماً قبلك كَذّبوا ورسلاً كُذّبُوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.