التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{۞فَحَمَلَتۡهُ فَٱنتَبَذَتۡ بِهِۦ مَكَانٗا قَصِيّٗا} (22)

الفاء للتفريع والتعقيب ، أي فحملت بالغلام في فور تلك المراجعة .

والحمل : العلوق ، يقال : حملت المرأة ولداً ، وهو الأصل ، قال تعالى : { حملته أمه كرهاً } [ الأحقاف : 15 ] . ويقال : حملت به . وكأن الباء لتأكيد اللصوق ، مثلها في { وامسحوا برؤوسكم } [ المائدة : 6 ] . قال أبو كبير الهذلي :

حملت به في ليلة قرءودة *** كرهاً وعقد نطاقها لم يُحلَل

والانتباذ تقدم قريباً ، وكذلك انتصاب { مكاناً } تقدم .

و { قَصِيّاً } بعيداً ، أي بعيداً عن مكان أهلها . قيل : خرجت إلى البلاد المصرية فارّة من قومها أن يعزّروها وأعانها خطيبها يوسف النجّار وأنها ولدت عيسى عليه السلام في الأرض المصرية . ولا يصح .

وفي إنجيل لوقا : أنها ولدته في قرية بيت لحم من البلاد اليهودية حين صعدت إليها مع خطيبها يوسف النجار إذ كان مطلوباً للحضور بقرية أهله لأن ملك البِلاد يجري إحصاء سكان البلاد ، وهو ظاهر قوله تعالى : { فأتت به قومَها تحمله } [ مريم : 27 ] . h