التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ} (55)

وقوله : { فمن شاء ذكره } تفريع على أنه تذكرة ونظيره قوله تعالى : { إنّ هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربّه سبيلاً } في سورة المزمل ( 19 ) .

وهذا تعريض بالترغيب في التذكر ، أي التذكر طوعُ مشيئتكم فإن شئتم فتذكروا .

والضمير الظاهر في { ذكره } يجوز أن يعود إلى ما عاد إليه ضمير { إِنه } وهو القرآن فيكون على الحذف والإِيصال وأصله : ذَكَر به .

ويجوز أن يعود إلى الله تعالى وإن لم يتقدم لاسمه ذكر في هذه الآيات لأنه مستحضَر من المقام على نحو قوله : { إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربّه سبيلاً } [ المزمل : 19 ] .

وضمير { شاء } راجع إلى ( مَنْ ) ، أي من أراد أن يتذكر ذَكَر بالقرآن وهو مثل قوله آنفاً { لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر } [ المدثر : 37 ] وقوله في سورة المزمل ( 19 ) { فمن شاء اتخذ إلى ربّه سبيلاً } .

وهو إنذار للناس بأن التذكر بالقرآن يحصلُ إذا شاؤوا التذكر به . والمشيئة تستدعي التأمل فيما يخلصهم من المؤاخذة على التقصير وهم لا عذر لهم في إهمال ذلك ، وقد تقدم في سورة المزمل .