التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ} (6)

وهذا الذي تصدَّى النبي صلى الله عليه وسلم لدعوته وعرض القرآن عليه هو على أشهر الأقوال المروية عن سلف المفسرين الوليد بن المغيرة المخزومي كما تقدم .

والإِتيان بضمير المخاطب مُظهراً قبلَ المسند الفعلي دون اسْتِتاره في الفعل يجوز أن يكون للتقوي كأنه قيل : تتصدى له تصدياً ، فمناط العتاب هو التصدي القوي .

ويجوز أن يكون مفيداً للاختصاص ، أي فأنت لا غيرُك تَتَصدّى له ، أي ذلك التصدّي لا يليق بك . وهذا قريب من قولهم : مثلُك لا يبخل ، أي لو تصدّى له غيرك لكان هَوناً ، فأما أنت فلا يتَصدى مثلك لمثله فمناط العتاب هو أنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم في جليل قدره .

وقرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر بفتح التاء وتشديد الصاد على إدغام إحدى التاءين في الصاد . والباقون بالفتح وتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين .

والتصدّي : التعرض ، أطلق هنا على الإِقبال الشديد مجازاً .