الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَنتَ لَهُۥ تَصَدَّىٰ} (6)

قوله : { تَصَدَّى } تقدَّمَتْ/ فيه قراءتا التثقيلِ والتخفيفِ ، ومعناه تتعرَّضُ . يُقال : تَصَدَّى ، أي : تَعَرَّضَ وأصلُه تَصَدَّدَ من الصَّدَدِ ، وهو ما استقبلك وصار قُبالتَك ، فأبدلَ أحدَ الأمثالِ حرفَ علةٍ نحو : تَظَنَّيْتُ وَقَصَّيْتُ أَظْفاري و :

تَقَضِّيَ البازِيْ . . . . . . . . . ***

قال الشاعر :

تَصَدَّى لِوَضَّاحٍ كأنَّ جَبينَه *** سِراجُ الدُّجى تُجْبَى إليه الأساوِرُ

وقيل : هو من الصَّدى ، وهو الصوتُ المسموعُ في الأماكنِ الخاليةِ والأجرامِ الصُّلبةِ . وقيل : من الصَّدى وهو العطش ، والمعنى على التعرض ، ويُتَمَحَّلُ لذلك إذا قلنا : أًصلُه من الصوت أو العطش .

وقرأ أبو جعفر " تُصَدَّى " بضمِّ التاءِ وتخفيفِ الصادِ ، أي : تَصَدِّيك يُحَرِّضُك على إسلامِه . يقال : تَصَدِّي الرجلِ وتَصْدِيَتُه . وقال الزمخشري : " وقُرِىء " تُصَدَّى " بضم التاء ، أي : تُعَرَّضُ ، ومعناه : يَدْعوك داعٍ إلى التَّصَدِّي له من الحِرْصِ والتهالُكِ على إسلامِه " .