المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (43)

و { تنزيل } رفع بالابتداء ، أي هو { تنزيل } ، ثم أخبر تعالى أن محمداً لو تقول عليه شيئاً لعاقبه بما ذكر ، والتقول : أن يقول الإنسان عن آخر أنه قال شيئاً لم يقله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (43)

وقوله : { تنزيل من رب العالمين } خبر ثان عن اسم ( إنّ ) وهو تصريح بعد الكناية .

ولك أن تجعل { تنزيل من رب العالمين } خبر مبتدأ محذوف جرى حذفه على النوع الذي سماه السكاكي بمتابعة الاستعمال في أمثاله وهو كثير في الكلام البليغ ، وتجعلَ الجملة استئنافاً بيانياً لأن القرآن لمَّا وصف بأنه { قول رسول كريم } ونفي عنه أن يكون قول شاعر أو قول كاهن ، ترقَّب السامع معرفة كنهه ، فبُين بأنه منزل من رب العالمين على الرسول الكريم ليقوله للناس ويتلوه عليهم .

و { تنزيل } وصف بالمصدر للمبالغة .

والمعنى : إنه منزل من رب العالمين على الرسول الكريم .

وعبر عن الجلالة بوصف { ربّ العالمين } دون اسمِه العلَم للتنبيه على أنه رب المخاطَبين وربُ الشعراءِ والكهاننِ الذين كانوا بمحل التعظيم والإِعجاب عندهم نظير قول موسى لفرعون { ربُّكم وربُّ آبائكم الأولين } [ الشعراء : 26 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (43)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فأكذبهم الله فقال: بل القرآن {تنزيل من رب العالمين}.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ولكنه" تَنْزِيلٌ من ربّ العالَمِينَ "نزل عليه.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن نظير هذه الآية قوله في الشعراء: {إنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين} فهو كلام رب العالمين لأنه تنزيله، وهو قول جبريل لأنه نزل به، وهو قول محمد لأنه أنذر الخلق به، فهاهنا أيضا لما قال فيما تقدم: {إنه لقول رسول كريم} أتبعه بقوله: {تنزيل من رب العالمين} حتى يزول الإشكال.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أثبت أنه قول الرسول الذي لا ينطق عن الهوى، ونفى عنه ما قد يلبس من الشعر والكهانة، ولم يذكر ما كانوا يرمونه به من السحر والأضغاث لأنه عناد محض لا يرتاب أحد فيه، وكانت السورة مقصوداً فيها إثبات الحقائق التي قد تخفى، وصفه بما يحقق ما أريد من نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: {تنزيل} أي على وجه التنجيم وأشار إلى إرساله إلى جميع الخلق من أهل السماوات والأرض بقوله: {من رب العالمين} أي موجدهم ومدبرهم بالإحسان إليهم بما يفهم كل منهم من هذا الذكر الذي رباهم به، ورتب سبحانه نظمه على وجه سهله على كل منهم شيئاً يكفي في هدايته البيانية بخلاف الشعر والكهانة فإنه لا يفهمهما إلا قليل من الناس لا جميع العالمين، بل كثير من أكابر العلماء وحذاقهم ربما قرئ على أحد منهم الآن القصيدة من قصائد العرب فلا يفهم المراد منها ولا يتضح له بوجه.

الشعراوي- 1419هـ:

والتنزيل معناه موالاة النزول لأبعاض القرآن، فالقرآن قد أنزل كله ثم بعد ذلك نزله الحق ونزل به جبريل عليه السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

فالحق تبارك وتعالى يوالي تنزيل القرآن عليهم آية بعد آية، فلعل نجما من نجومه يصادف فراغا وقلبا صافيا من الموجدة على رسول الله فيؤمن...

ومادة نزل وما يشتق منها من إنزال وتنزيل تفيد كلها أنه جاء من جهة العلو إلى جهة أسفل منه، كأنك تتلقى من جهة أعلى منك وأرفع وما دمت تتلقى من جهة أعلى منك، فإياك أن يضل بك الفكر لناحية أخرى.

وهو: {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (43)} [الحاقة] ولأنه رب العالمين فالكون كله لا يخرج عن حكمه، فليطمئن الناس في الدنيا أن ربهم لن يخلقهم هملا ولا سدى ولم يتركهم، بل لأنه رب أنزل لهم منهجا ليهديهم سبيل الحق.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ويقول سبحانه في آخر آية مورد البحث كتأكيد على هويّة القرآن الربانية: (تنزيل من ربّ العالمين). وبناءً على هذا فإنّ القرآن الكريم ليس بشعر ولا كهانة، وليس هو إنتاج فكر الرّسول، ولا قول جبرائيل.. بل إنّه كلام الله سبحانه، حيث نزل بواسطة الوحي على القلب الطاهر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجاء هذا المعنى بعبارات مختلفة إحدى عشرة مرّة في القرآن الكريم.