المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ فِئَةٞ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا} (43)

وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو والحسن وأبو جعفر وشيبة : «ولم تكن » بالتاء على لفظة الفئة ، وقرأ حمزة والكسائي ومجاهد وابن وثاب «ولم يكن » بالياء على المعنى ، «الفئة » الجماعة التي يلجأ إلى نصرها ، قال مجاهد هي العشيرة .

قال القاضي أبو محمد : وهي عندي من فاء يفيء وزنها فئة ، حذفت العين تخفيفاً{[7811]} ، وقد قال أبو علي وغيره : هي من فاوت وليست من فاء ، وهذا الذي قالوه أدخل في التصريف ، والأول أحكم في المعنى ، وقرأ ابن أبي عبلة : «فئة تنصره » .


[7811]:في اللسان: "الفئة: الطائفة، والهاء عوض عن الياء التي نقصت من وسطه، أصله فيء، مثال فيع ؛ لأنه من فاء، ويجمع: فئون وفئات. وقال ابن بري: هذا الذي قاله الجوهري سهو، وأصله فثو مثل فعو، فالهمزة عين لا لام، والمحذوف لامها وهو الواو".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ فِئَةٞ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا} (43)

قوله : { ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله } موعظة وتنبيه على جزاء قوله : { وأعز نفراً } [ الكهف : 34 ] .

والفئة : الجماعة . وجملة { ينصرونه } صفة ، أي لم تكن له فئة هذه صفتها ، فإن فئته لم تغن عنه من عذاب الله .

وقوله : { وما كان منتصراً } أي ولا يكون له انتصار وتخلص من العذاب .

وقرأه الجمهور { ولم تكن } بمثناة فوقية اعتداداً بتأنيث { فئة } في اللفظ . وقرأه حمزة والكسائي وخلف « يكن » بالياء التحتية . والوجهان جائزان في الفعل إذا رفَع ما ليس بتحقيقي التأنيث .

وأحاط به هذا العقاب لا لمجرد الكفر ، لأن الله قد يمتع كافرين كثيرين طول حياتهم ويملي لهم ويسْتدرجهم . وإنما أحاط به هذا العقاب جزاء على طغيانه وجعله ثروته وماله وسيلة إلى احتقار المؤمن الفقير ، فإنه لما اعتز بتلك النعم وتوسل بها إلى التكذيب بوعد الله استحق عقاب الله بسلب تلك النعم عنه كما سلبت النعمة عن قارون حين قال : { إنما أوتيته على علم عندي } [ القصص : 78 ] . وبهذا كان هذا المثل موضع العبرة للمشركين الذين جعلوا النعمة وسيلة للترفع عن مجالس الدعوة لأنها تجمع قوماً يرونهم أحط منهم وطلبوا من النبي طردهم عن مجلسه كما تقدم .