السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ فِئَةٞ يَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا} (43)

{ ولم تكن له فئة } ، أي : جماعة من نفره الذين اغتر بهم ولا من غيرهم { ينصرونه } مما وقع فيه { من دون الله } عند هلاكها { وما كان } هو { منتصراً } بنفسه بل ليس الأمر في ذلك إلا لله وحده . أجيب : عن الأوّل بأنه لما عظمت حسراته لأجل أنه أنفق عمره في تحصيل الدنيا وكان معرضاً في عمره كله عن طلب الدين فلما ضاعت الدنيا بالكلية بقي محروماً من الدنيا والدين ، وعن الثاني بأنه إنما ندم على الشرك لاعتقاده أنه لو كان موحداً غير مشرك لبقيت عليه جنته فهو إنما رغب في ذلك لأجل طلب الدنيا فلذلك لم يقبل الله توحيده . وقرأ حمزة والكسائي يكن بالتحتيتة على التذكير والباقون بالفوقية على التأنيث . ولما أنتج هذا المثل قطعاً أنه لا أمر لغير الله تعالى المرجو لنصر أوليائه بعد ذلهم ولإغنائهم بعد فقرهم ولإذلال أعدائهم بعد عزهم وكبرهم وإفقارهم بعد إغنائهم وحده وإن غيره إنما هو كالخيال لا حقيقة له ، صرّح بذلك في قوله تعالى : { هنالك } .