معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

قوله تعالى : { لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } ، قال قتادة : وأنا أول المسلمين من هذه الأمة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

وقوله تعالى : { وأنا أول المسلمين } أي من هذه الأمة ، وقال النقاش من أهل مكة .

قال القاضي أبو محمد : والمعنى واحد بل الأول أعم وأحسن وقرأت فرقة «وأنا » بإشباع الألف وجمهور القراء على القراءة «وأنا » دون إشباع ، وهذا كله في الوصل .

قال القاضي أبو محمد : وترك الإشباع أحسن لأنها ألف وقف فإذا اتصل الكلام استغنى عنها لا سيما إذا وليتها همزة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (163)

{ وبذلك أمرت } عطف على جملة { إن صلاتي } إلخ . فهذا ممّا أمر بأن يقوله ، وحرف العطف ليس من المقول .

والإشارة في قوله : { وبذلك } إلى المذكور من قوله : { إن صلاتي ونسكي } إلخ ، أي أنّ ذلك كان لله بهدي من الله وأمرٍ منه ، فرجع إلى قوله : { إنَّني هداني ربي إلى صراط مستقيم } [ الأنعام : 161 ] يعني أنَّه كما هداه أمره بما هو شكر على تلك الهداية ، وإنَّما أعيد هنا لأنَّه لما أضاف الصّلاة وما عطف عليها لنفسه وجعلها لله تعالى أعقبها بأنّه هَدْي من الله تعالى ، وهذا كقوله تعالى : { قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين } [ الزمر : 11 ، 12 ] . وتقديم الجار والمجرور للاهتمام بالمشار إليه .

وقوله : { وأنا أول المسلمين } مثل قوله : { وبذلك أمرت } خبر مستعمل في معناه الكنائي ، وهو لازم معناه ، يعني قبول الإسلام والثّبات عليه والاغتباط به ، لأنّ من أحبّ شيئاً أسرع إليه فجاءه أوّل النّاس ، وهذا بمنزلة فعل السبق إذ يطلق في كلامهم على التمكّن والترجّح ، كما قال النّابغة :

سَبَقْتَ الرّجالَ الباهشين إلى العلا *** كسَبْق الجواد اصطادَ قبل الطوارد

لا يريد أنّه كان في المعالي أقدم من غيره لأنّ في أهل المعالي من هو أكبر منه سِنّاً ، ومن نال العلا قبل أن يولد الممدوح ، ولكنّه أراد أنّه تمكّن من نوال العلا وأصبح الحائز له والثّابت عليه .

وفي الحديث : " نحن الآخِرون السّابقون يوم القيامة " . وهذا المعنى تأييس للمشركين من الطّمع في التّنازل لهم في دينهم ولو أقَلّ تنازلٍ . ومن استعمال ( أوّل ) في مثل هذا قوله تعالى : { ولا تكونوا أول كافر به } كما تقدّم في سورة البقرة ( 41 ) . وليس المراد معناه الصّريحَ لقلّة جدوى الخبر بذلك ، لأنّ كلّ داع إلى شيء فهو أوّل أصحابه لا محالة ، فماذا يفيد ذلك الأعداء والأتباعَ ، فإن أريد بالمسلمين الذين اتَّبعوا حقيقة الإسلام بمعنى إسلام الوجه إلى الله تعالى لم يستقم ، لأنّ إبراهيم عليه السّلام كان مسلماً وكان بنوه مسلمين ، كما حكى الله عنهم إذ قال إبراهيم عليه السّلام : { فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون } [ البقرة : 132 ] وكذلك أبناء يعقوب كانوا مسلمين إذ قالوا : { ونحن له مسلمون } [ البقرة : 136 ] .

وقرأ نافع وأبو جعفر بإثبات ألف « أنَا » إذا وقعت بعدها همزة ويجري مدّها على قاعدة المدّ ، وحذفَها الباقون قبل الهمزة ، واتَّفق الجميع على حذفها قبل غير الهمزة تخفيفاً جرى عليه العرب في الفصيح من كلامهم نحو : « أنا يُوسف » واختلفوا فيه قبل الهمزة نحو أنا أفعل ، وأحسب أنّ الأفصح إثباتها مع الهمز للتّمكّن من المدّ .