معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

ثم بين ما في صحفهما فقال : { ألا تزر وازرة وزر أخرى } أي : لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى ، ومعناه : لا تؤخذ نفس بإثم غيرها . وفي هذا إبطال قول من ضمن للوليد بن المغيرة بأنه يحمل عنه الإثم . وروى عكرمة عن ابن عباس قال : كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره ، كان الرجل يقتل بذنب أبيه وابنه وأخيه وامرأته وعبده ، حتى كان إبراهيم فنهاهم عن ذلك ، وبلغهم عن الله :{ ألا تزر وازرة وزر أخرى } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

ثم شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال : { أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } أي : كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنما عليها وزرها ، لا يحمله عنها أحد ، كما قال : { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } [ فاطر : 18 ] ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

{ ألا تزر وازرة وزر أخرى } أن هي المخففة من الثقيلة وهي بما بعدها في محل الجر بدلا مما { في صحف موسى } ، أو الرفع على هو أن { لا تزر } كأنه قيل ما في صحفهما ؟ فأجاب به ، والمعنى أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ولا يخالف ذلك قوله : { كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } وقوله عليه الصلاة والسلام ، " من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " فإن ذلك للدلالة والتسبب الذي هو وزره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ} (38)

{ لا تزر وازرة وزر أخرى } وقال ابن عباس ايضاً والربيع : وفى طاعة الله في أمر ذبح ابنه . وقال الحسن وابن جبير وقتادة وغيره ، وفي تبليغ رسالته والظاهر في ذات ربه ، وقال عكرمة ، وفي هذه العشر الآيات ، { ألا تزر } وما بعدها ، وقال ابن عباس وقتادة وغيره { وفى } ما افترض عليه من الطاعات على وجهها وتكلمت له شعب الإيمان والإسلام فأعطاه الله براءته من النار . قال ابن عباس : وفي شرائع الإسلام ثلاثين سهماً . وقال أبو أمامة ورفعه إلى النبي عليه السلام { وفى } أربع صلوات في كل يوم ، والأقوى من هذه الأقوال كلها القول العام لجميع الطاعات المستوفية لدين الإسلام ، فروي أنها لم تفرض على أحد مكملة فوفاها الأعلى وإبراهيم ومحمد عليهما السلام ومن الحجة لذلك قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن }{[10720]} [ البقرة : 124 ] .

وقرأ ابن جبير وأبو مالك وابن السميفع : «وفى » مخففة الفاء ، والخلاف فيما وفى به كالخلاف فيما وفاه على القراءة الأولى التي فسرنا ، ورويت القراءة عن النبي عليه السلام ، وقرأها أبو أمامة{[10721]} .

والوزر : الثقل ، وأنث الوزارة إما لأنه أراد النفس وإما أراد المبالغة كعلامة ونسابة وما جرى مجراها و «أن » في قوله : { ألا تزر } مخففة من الثقيلة ، وتقديرها أنه لا تزر ، وحسن الحائل بينها وبين الفعل ان بقي الفعل مرتفعاً ، فهي كقوله : { علم أن سيكون منكم مرضى }{[10722]} [ المزمل : 20 ] ونحوه ، و «أن » في موضع رفع أو خفض ، كلاهما مرتب .


[10720]:من الآية (124) من سورة (البقرة).
[10721]:قال ابن جني:"وهذا على تسمية المسبب باسم سببه، ألا ترى أن معناه، الذي وعد ذلك فوفى بحاضره وسيفي بغائبه يوم القيامة، وذلك منهم لصدق الوعد، أي: إذا قال فقد فعل أو قد وقع ما يقوله، وهذا كقولهم: وعد الكرين نقد، ونقد اللئيم وعد".
[10722]:من الآية(20) من سورة(المزمل).