قوله : { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } «أن » مخففة من الثقيلة واسمها محذوف هو ضمير الشأن و«لاَ تَزِرُ » هو الخبر . وجيء بالنفي لكون الخبر جملة فعلية متصرفة غير مقرونة كما تقدم تحريره في المائدة . و«أن » وما في حيّزها فيها قولان :
أظهرهما : الجر بدلاً من «ما » في قوله { بما في صحف } .
والثاني : الرفع خبراً لمبتدأ مضمر أي ذَلِك أن لا تزرُ أو هو أن لا تزرُ . وهو جواب لسؤال مقدر ؛ كأن قائلاً قال : وما في صحفهما ؟ فأجيبَ بذلك{[53677]} .
قال شهاب الدين : ويجوز أن يكون نصباً بإضمار «أعني » جواباً لذلك السائل وكل موضع أضمر فيه هذا المبتدأ لهذا المعنى أضمر فيه هذا الفِعل{[53678]} .
معنى الآية : أنه لا تحمل نفسٌ حِمْلَ أخرى أي لا تُؤخَذُ نفس بإثم غيرها . وفي هذا إبطال قول من ضمن للوليد بن المغيرة أن يحمل عنه الإِثم .
وروى عكرمة عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[53679]} قال : كانوا قبل إبراهيم عليه الصلاة والسلام يأخذون الرجل بذنب غيره وكان الرجل يُقْتَلُ بقَتْل أبيه وابنه وأخواته حتى جاءهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام فنهاهم عن ذلك وبلغهم عن الله عز وجل أن لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخْرى{[53680]} .
فإن قيل : الآية مذكورة لبيان أن وِزْرَ الرجل لا يحمل عنه وبهذا الكلام لا تحصل هذه الفائدة ، لأن الوَازِرَةَ تكون مثقلةً بوِزْرِها وكل أحد يعلم أنها لا تحمل شيئاً فلو قال : لا تحمل فارغة وزر أخرى كان أبلغ .
فالجواب : أن المراد من الوَازِرَةِ هي التي يتوقع منها الوزر والحمل لا التي وَزَرت وحَمَلَتْ{[53681]} .
ونقل القرطبي عن أبي مالك الغِفاريّ قال : قوله تعالى : { أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى } إلى قوله : { فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكَ تتمارى } في صحف إبراهيم{[53682]} وموسى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.