معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ وَٱعۡبُدُواْ۩} (62)

قوله تعالى : { فاسجدوا لله واعبدوا } يعني : واعبدوه .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا مسدد ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم : سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا محمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، أنبأنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا نصر بن علي ، أخبرني أبو أحمد ، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن عبد الله قال : " أول سورة انزلت فيها سجدة : النجم ، قال : فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه إلا رجلاً رأيته أخذ كفاً من تراب فسجد عليه ، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً ، وهو أمية بن خلف " .

وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا آدم بن أبي إياس ، أنبأنا ابن أبي ذئب ، أنبأنا يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت قال : قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم والنجم فلم يسجد فيها . فقلت : فهذا دليل على أن سجود التلاوة غير واجب . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء . وهو قول الشافعي وأحمد . وذهب قوم إلى أن وجوب سجود التلاوة على القارئ والمستمع جميعاً ، وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ وَٱعۡبُدُواْ۩} (62)

ثم قال آمرا لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم والتوحيد والإخلاص : { فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } {[27723]} أي : فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوا .

قال البخاري : حدثنا أبو مَعْمَر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم ، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس . انفرد به دون مسلم{[27724]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن خالد ، حدثنا رباح ، عن مَعْمَر ، عن ابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد ، عن جعفر بن المطلب بن أبي وَدَاعة ، عن أبيه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم ، فسجد وسَجَد من عنده ، فرفعتُ رأسي وأبيتُ أن أسجد ، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب ، فكان بعد ذلك لا يسمع أحدًا يقرؤها {[27725]} إلا سجد معه .

وقد رواه النسائي في الصلاة ، عن عبد الملك بن عبد الحميد ، عن أحمد بن حنبل ، به{[27726]} .

ذكر حديث له مناسبة بما تقدم من قوله تعالى : { هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى . أَزِفَتِ الآزِفَة } ، فإن النذير هو : الحذر لما يعاين من الشر ، الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم ، كما قال : { إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد } [ سبأ : 46 ] . وفي الحديث : " أنا النذير العُريان " أي : الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئًا ، بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك ، فجاءهم عُريانا مسرعا مناسب لقوله : { أَزِفَتِ الآزِفَة } أي : اقتربت القريبة ، يعني : يوم القيامة كما قال في أول السورة التي بعدها : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ } [ القمر : 1 ] ، قال الإمام أحمد :

حدثنا أنس بن عياض ، حدثني أبو حازم - لا أعلم إلا عن سهل بن سعد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ، فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خُبْزَتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه " . وقال أبو حازم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال أبو ضَمْرَة : لا أعلم إلا عن سهل بن سعد - قال : " مثلي مثل الساعة كهاتين " وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ، ثم قال : " مثلي ومثل الساعة كمثل فَرسَي رِهَان " ، ثم قال : " مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة ، فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه : أتيتم أتيتم " . ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا ذلك " {[27727]} . وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحِسان . ولله الحمد والمنة ، وبه الثقة والعصمة .

آخر [ تفسير ] {[27728]} سورة النجم ولله الحمد والمنة


[27723]:- (4) في م: "فليسجدوا" وهو خطأ.
[27724]:- (5) صحيح البخاري برقم (4862).
[27725]:- (1) في م، أ: "يقرأ بها".
[27726]:- (2) المسند (6/399) وسنن النسائي (2/160).
[27727]:- (3) المسند (5/331).
[27728]:- (4) زيادة من م، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ وَٱعۡبُدُواْ۩} (62)

{ فاسجدوا لله واعبدوا } أي واعبدوه دون الآلهة .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة النجم أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد صلى الله عليه وسلم وجحد به بمكة " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ وَٱعۡبُدُواْ۩} (62)

ثم أمر تعالى بالسجود وعبادة الله تحذيراً وتخويفاً ، وهاهنا سجدة في قول كثير من أهل العلم ، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وردت بها أحاديث صحاح ، وليس يراها مالك رحمه الله تعالى{[10748]} ، وقال زيد بن وثاب إنه قرأ بها عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد .


[10748]:لأنه يرى أن السجود المطلوب في الآية هو سجود الفرض في الصلاة، أما أكثر العلماء فيرون أن المراد هو سجود تلاوة القرآن، وبه قال أبو حنيفة والشافعي.