معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

{ إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } أي جعل مجازاة النعم التي خولها من البنين والمال ، الكفر بآياتنا . وقيل : معناه ألأن كان ذا مال وبنين تطيعه . ومن قرأ على الخبر فمعناه : لا تطع كل حلاف مهين ، لأن كان ذا مال وبنين ، أي : لا تطعه لماله وبنيه ، { إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

وقوله : { أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ } يقول تعالى : هذا مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين ، كفر بآيات الله وأعرض عنها ، وزعم أنها كَذب مأخوذ من أساطير الأولين ، كقوله : { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ } قال الله تعالى : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } [ المدثر : 11 - 26 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

وقوله : إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوّلِينَ يقول : إذا تقرأ عليه آيات كتابنا ، قال : هذا مما كتبه الأوّلون ، استهزاء به وإنكارا منه أن يكون ذلك من عند الله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

قوله : { إذا تتلى عليه } الآية ، وجاز أن يعمل المعنى وهو متأخر من حيث كان قوله : { أن كان } في منزلة الظرف ، إذ يقدر باللام ، أي لأن كان ، وقد قال فيه بعض النحاة : إنه في موضع خفض باللام ، كما لو ظهرت ، فكما يعمل المعنى في الظرف المتقدم ، فكذلك يعمل في هذا ، ومنه قوله تعالى :

{ ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد }{[11244]} [ سبأ : 7 ] . فالعامل في : { إذا } [ سبأ : 7 ] ، معنى قوله : { إنكم لفي خلق جديد } [ سبأ : 7 ] ، أي تبعثون ، ونحوه من التقدير ، ولا يجوز أن يعمل : { تتلى } في { إذا } لأنه مضاف إليه ، وقد أضيف { إذا } إلى الجملة ، ولا يجوز أن يعمل في { أن } ، قال لأنها جواب { إذا } ، ولا تعمل فيما قبلها . وأجاز أبو علي أن يعمل فيه { عتل } وإن كان قد وصف{[11245]} ، ويصح على هذا النظر أن يعمل فيه { زنيم } لا سيما على قول من يفسره بالقبيح الأفعال ، ويصح أن يعمل في { أن كان } ، تطيعه التي يقتضيها قوله : { ولا تطع } [ القلم : 10 ] . وهذا على قراءة الاستفهام يبعد ، وإنما يتجه لا تطعه لأجل كونه كذا ، و { أن كان } ، على كل وجه ، مفعول من أجله وتأمل . وقد تقدم القول في الأساطير في غير ما موضع .


[11244]:من الآية 7 من سورة سبأ.
[11245]:قال أبو حيان في البحر المحيط: "وهذا قول كوفي ولا يجوز ذلك عند البصريين".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (15)

يتعلق قوله : { أن كان ذا مال وبنين } بفعل { قَال } بتقدير لام التعليل محذوفة قبل { أنْ } ، وهو حذف مطرد تعلق بذلك الفعل ظرف هو { إذا تتلى } ومجرور هو { أن كان ذا مال } ، ولا بدع في ذلك وليست { إذا } بشرطية هنا فلا يهولنك قولهم : إن ( مَا ) بعد الشرط لا يعمل فيما قبله ، على أنها لو جعلت شرطية لما امتنع ذلك لأنهم يتوسعون في المجرورات ما لا يتوسعون في غيرها وهذا مجرور باللام المحذوفة .

والمراد : كل من كان ذا مال وبنين من كبراء المشركين كقوله تعالى : { وذَرْني والمكذبين أولِي النعمة } [ المزمل : 11 ] . وقيل : أريد به الوليد بن المغيرة إذ هو الذي اختلق أن يقول في القرآن { أساطير الأولين } وقد علمت ذلك عند تفسير قوله تعالى : { ولا تطِعْ كلّ حلاّف مهين } [ القلم : 10 ] . وكان الوليد بن المغيرة ذا سعة في المال كثير الأبناء وهو المعنيُّ بقوله تعالى : { ذرني ومن خلقتُ وحيداً وجعلتُ له مالاً ممدوداً وبنينَ شهوداً } إلى قوله : { إن هذا إلاّ قول البشر } [ المدثر : 1125 ] . والوجه أن لا يختص هذا الوصف به . وأن يكون تعريضاً به .

والأساطير : جمع أسطورة وهي القصة ، والأسطورة كلمة معربة عن الرومية كما تقدم عند قوله تعالى : { يقول الذين كفروا إن هذا إلاّ أساطير الأولين } في الأنعام ( 25 ) وقوله : { وَإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأولين } في سورة النحل ( 24 ) .

وختمت الأوصاف المحذر عن إطاعة أصحابها بوصف التكذيب ليُرجع إلى صفة التكذيب التي انتُقل الأسلوب منها من قوله : { فلا تطع المكذبين } [ القلم : 8 ] .

وقرأ الجمهور { أنْ كان ذا مال } بهمزة واحدة على أنه خبر . وقرأه حمزة وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر بهمزتين مخففتين فهو استفهام إنكاري . وقرأه ابن عامر بهمزة ومَدَّة بجعل الهمزة الثانية ألفاً للتخفيف .