معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

قوله تعالى : { رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق } أي : مطالع الشمس . فإن قيل : قد قال في موضع { رب المشارق والمغارب } وقال في موضع : { رب المشرقين ورب المغربين } وقال في موضع : { رب المشرق والمغرب } فكيف وجه التوفيق بين هذه الآيات ؟ قيل : أما قوله{ رب المشرق والمغرب } أراد به جهة المشرق وجهة المغرب ، وقوله{ رب المشرقين ورب المغربين } أراد مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، وأراد بالمغربين مغرب الشتاء ومغرب الصيف ، وقوله : { برب المشارق والمغارب } أراد الله تعالى أنه خلق للشمس ثلاثمائة وستين كوة في المشرق ، وثلاثمائة وستين في المغرب ، على عدد أيام السنة ، تطلع الشمس كل يوم من كوة منها ، وتغرب في كوة منها ، لا ترجع إلى الكوة التي تطلع الشمس منها من ذلك اليوم إلى العام المقبل ، فهي المشارق والمغارب ، وقيل : كل موضع أشرقت عليه الشمس فهو مشرق ، وكل موضع غربت عليه الشمس فهو مغرب . كأنه أراد رب جميع ما أشرقت عليه الشمس وغربت .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

{ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } أي : من المخلوقات ، { وَرَبُّ الْمَشَارِقِ } أي : هو المالك المتصرف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب{[24915]} ثوابت ، وسيارات تبدو من المشرق ، وتغرب من المغرب . واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه . وقد صرح بذلك في قوله : { فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ } [ المعارج : 40 ] . وقال في الآية الأخرى : { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } [ الرحمن : 17 ] يعني في الشتاء والصيف ، للشمس والقمر .


[24915]:- في ت: "الكواكب".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

وقوله : رَبّ السّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما يقول : هو واحد خالق السموات السبع وما بينهما من الخلق ، ومالك ذلك كله ، والقيّمِ على جميع ذلك ، يقول : فالبعادة لا تصلح إلا لمن هذه صفته ، فلا تعبدوا غيره ، ولا تشركوا معه في عبادتكم إياه من لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يخلق شيئا ولا يُفْنيه .

واختلف أهل العربية في وجه رفع ربّ السموات ، فقال بعض نحوييّ البصرة : رُفع على معنى : إن إلهكم لربّ . وقال غيره : هو رَدّ على إن إلهكم لواحد ثم فَسّر الواحد ، فقال : ربّ السموات ، وهو ردّ على واحد . وهذا القول عندي أشبه بالصواب في ذلك ، لأن الخبر هو قوله : لَوَاحِدٌ ، وقوله : رَبّ السّمَوَاتِ ترجمة عنه ، وبيان مردود على إعرابه .

وقوله : وَرَبّ المَشارِقِ يقول : ومدبر مشارق الشمس في الشتاء والصيف ومغاربها ، والقيّم على ذلك ومصلحه وترك ذكر المغارب لدلالة الكلام عليه ، واستغني بذكر المشارق من ذكرها ، إذ كان معلوما أن معها المغارب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة إنّ إلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ وقع القسم على هذا إن إلهكم لواحد رَبّ السّمَوَاتِ والأرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبّ المَشارِقِ قال : مشارق الشمس في الشتاء والصيف .

حدثني محمد بن الحسين ، قلا : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : رَبّ المَشارِقِ قال : المشارق ستون وثلاثُ مئة مَشْرِق ، والمغارب مثلها ، عدد أيام السنة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

وأما تحقيقه فبقوله تعالى { رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق } فإن وجودها وانتظامها على الوجه الأكمل مع إمكان غيره دليل على وجود الصانع الحكيم ووحدته على ما مر غير مرة ، { ورب } بدل من واحد أو خبر ثان أو خبر محذوف وما بينهما يتناول أفعال العباد فيدل على أنها من خلقه ، و { المشارق } مشارق الكواكب أو مشارق الشمس في السنة وهي ثلاثمائة وستون مشرقا ، تشرق كل يوم في واحد وبحسبها تختلف المغارب ، ولذلك اكتفى بذكرها مع أن الشروق أدل على القدرة وأبلغ في النعمة ، وما قيل إنها مائة وثمانون إنما يصح لو لم تختلف أوقات الانتقال .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

ثم وصف تعالى نفسه بربوبيته جميع المخلوقات ، وذكر { المشارق } لأنها مطالع الأنوار والعيون بها أكلف ، وفي ذكرها غنية عن ذكر المغارب إذ معادلتها لها مفهومة عند كل ذي لب ، وأراد تعالى مشارق الشمس وهي مائة وثمانون في السنة فيما يزعمون من أطول أيام السنة إلى أقصرها .