فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

ثم يبتدىء { ربّ السماوات والأرض } على معنى هو ربّ السماوات والأرض . قال النحاس : ويجوز أن يكون بدلاً من { لواحد } . والمعنى في الآية : أن وجود هذه المخلوقات على هذا الشكل البديع من أوضح الدلائل على وجود الصانع وقدرته ، وأنه ربّ ذلك كله ، أي : خالقه ، ومالكه . والمراد بما بينهما : ما بين السماوات والأرض من المخلوقات . والمراد ب{ المشارق } مشارق الشمس . قيل : إن الله سبحانه خلق للشمس كل يوم مشرقاً ، ومغرباً بعدد أيام السنة ، تطلع كل يوم من واحد منها ، وتغرب من واحد ، كذا قال ابن الأنباري ، وابن عبد البرّ . وأما قوله في سورة الرحمن : { رَبُّ المشرقين وَرَبُّ المغربين } [ الرحمن : 17 ] فالمراد بالمشرقين : أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال ، وأقصر يوم في الأيام القصار ، وكذلك في المغربين . وأما ذكر المشرق والمغرب بالإفراد ، فالمراد به : الجهة التي تشرق منها الشمس ، والجهة التي تغرب منها ، ولعله قد تقدّم لنا في هذا كلام أوسع من هذا .

/خ19