فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ} (5)

{ رب } خالق وملك ، ومدبر وولي .

{ المشارق } الجهات التي يرى شروق الشمس من ناحيتها .

{ رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق( 5 ) } ملك السماوات والأرض وخالقهما ووليهما ومدبرهما ، ومطاعهما ورب ما بينهما ، ورب المخلوقات العلوية والسفلية ، والكواكب ومداراتها الفلكية ، ومطالع الشمس والنجوم والقمر ، وما نرى وما لا نرى من الروائع الكونية ، { ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل }{[3888]} . { . . ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير }{[3889]} .

و{ رب } خبر ثان ل{ إن } [ على مذهب من يجوز تعدد الأخبار ] ، أو خبر مبتدأ محذوف-{[3890]} [ ودل بذكر المطالع على المغارب ؛ فلهذا لم يذكر المغارب ، وهو كقوله : { سرابيل تقيكم الحر . . }{[3891]} . . وقال في سورة الرحمن : { رب المشرقين ورب المغربين }{[3892]} أراد بالمشرقين أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال ، وأقصر يوم في الأيام القصار ]{[3893]} مما نقل صاحب تفسير غرائب القرآن . . : بدأ في أول هذه السورة بالتوحيد . . . وأقسم على المطلوب بثلاثة أشياء . . . وأما الإقسام بغير الله وصفاته فلا نسلم أنه لا يجوز لله سبحانه . . . والمراد تعظيم هذه الأشياء وتشريفها ، أو المراد : رب هذه الأشياء . . . أو أقسم بنفوس العلماء الصافات لأجل الدعوة إلى دين الله الزاجرات عن الشبهات والمنهيات بالمواعظ والنصائح ، والدراسات شرائع الله وكتبه لوجه الله . . . الوجه الثالث أنها صفات آيات القرآن ، وذلك أنها أنواع مختلفة : بعضها دلائل التوحيد وبعضها دلائل العلم والقدرة ، وبعضها دلائل النبوة ، وبعضها دلائل المعاد ، وبعضها بيان التكاليف والأحكام ، وبعضها تعليم الأخلاق الفاضلة ، وكلها مرتبة ترتيبا لا يتغير ولا يتبدل . اه

لكن خالف في ذلك صاحب جامع البيان ، وقال : والذي هو أولى بتأويل الآية عندنا ما قال مجاهد ومن قال هم الملائكة ، لأن الله تعالى ذكره ابتدأ القسم بنوع من الملائكة وهم الصافون بإجماع من أهل التأويل ، فلأن يكون الذي بعده قسما بسائر أصنافهم أشبه . اه .


[3888]:سورة الأنعام.الآية102.
[3889]:سورة فاطر.من الآية13.
[3890]:ما بين العارضتين مما أورد الألوسي.
[3891]:سورة النحل.من الآية 81.
[3892]:الآية17.
[3893]:ما بين العلامتين[ ]مما أورد القرطبي.