قوله تعالى : { فنبذناه } : طرحناه ، { بالعراء } يعني : على وجه الأرض ، قال السدي : بالساحل ، والعراء : الأرض الخالية من الشجر والنبات . { وهو سقيم } : عليل كالفرخ الممعط ، وقيل : كان قد بلي لحمه ورق عظمه ولم يبق له قوة . واختلفوا في مدة لبثه في بطن الحوت ، فقال مقاتل بن حيان : ثلاثة أيام . وقال عطاء : سبعة أيام . وقال الضحاك : عشرين يوماً . وقال السدي والكلبي ومقاتل بن سليمان : أربعين يوماً . وقال الشعبي : التقمه ضحى ولفظه عشية .
قوله تعالى : { فنبذناه بالعراء وهو سقيم } ، وأنبتنا عليه شجرة من يقطين روي أن الحوت قذفه بساحل قرية من الموصل . وقال ابن قسيط عن أبي هريرة : طرح يونس بالعراء وأنبت الله عليه يقطينة ، فقلنا : يا أبا هريرة وما اليقطينة ؟ قال : شجرة الدباء ، هيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض - أو هشاش الأرض - فتفشج عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : خرج به - يعني الحوت - حتى لفظه في ساحل البحر ، فطرحه مثل الصبي المنفوس لم ينقص من خلقه شيء .
{ فنبذناه } : طرحناه ، وقيل : تركناه . { بالعراء } : بالصحراء ؛ قال ابن الأعرابي و الأخفش : بالفضاء ، وقال أبو عبيدة : الواسع من الأرض ، وقال الفراء : العراء المكان الخالي ، وقال أبو عبيدة : العراء وجه الأرض ، وأنشد لرجل من خزاعة :
ورفعتُ رِجْلاً لا أخافُ عِثَارَهَا *** ونَبَذْتُ بالبلد العَرَاءِ ثيابي
وحكى الأخفش في قوله : { وهو سقيم } : جمع سقيم : سقمى وسقامى وسقام ، وقال في هذه السورة : { فنبذناه بالعراء } وقال في " ن والقلم " : { لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم } [ القلم : 49 ] والجواب : أن الله عز وجل خبر ها هنا أنه نبذه بالعراء وهو غير مذموم ولولا رحمة الله عز وجل لنبذ بالعراء وهو مذموم ، قاله النحاس .
التقدير : ولكنه لما كان ذكاراً لله في حال الرخاء ذكرناه في حال الشدة ، فأنجيناه من بطنه وأخرجناه منه سالماً ، وكان ذلك أمراً باهراً للعقل ، أبرزه في مظهر العظمة فقال : { فنبذناه } : أي ألقيناه من بطن الحوت إلقاء لم يكن لأحد غيره ، وكان ذلك علينا يسيراً . { بالعراء } : أي المكان القفر الواسع الخالي عن ساتر عن نبت أو غيره ، وذلك بساحل الموصل ، وقال أبو حيان : قذفه في نصيبين من ناحية الموصل . { وهو سقيم } : أي عليل جداً مما ناله من جوف الحوت بحيث أنه كان كالطفل ساعة يولد وهو إذ ذاك محمود غير مذموم بنعمة الله التي تدراكته ، فكان مجتبى ومن الصالحين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.