معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّـٰلِمِينَ} (63)

قوله تعالى : { إنا جعلناها فتنة للظالمين } الكافرين وذلك أنهم قالوا : كيف يكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر ؟ وقال ابن الزبعرى لصناديد قريش : إن محمداً يخوفنا بالزقوم ، والزقوم بلسان بربر : الزبد والتمر ، فأدخلهم أبو جهل بيته ، وقال : يا جارية زقمينا ، فأتتهم بالزبد والتمر ، فقال : تزقموا فهذا ما يوعدكم به محمد .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّـٰلِمِينَ} (63)

قوله تعالى : " إنا جعلناها فتنة للظالمين " أي المشركين ، وذلك أنهم قالوا : كيف تكون في النار شجرة وهي تحرق الشجر ؟ وقد مضى هذا المعنى في " سبحان " {[13261]} واستخفافهم في هذا كقولهم في قوله تعالى : " عليها تسعة عشر " [ المدثر : 30 ] . ما الذي يخصص هذا العدد ؟ حتى قال بعضهم : أنا أكفيكم منهم كذا فاكفوني الباقين . فقال الله تعالى : " وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا " [ المدثر : 31 ] والفتنة الاختبار ، وكان هذا القول منهم جهلا ، إذ لا يستحيل في العقل أن يخلق الله في النار شجرا من جنسها لا تأكله النار ، كما يخلق الله فيها الأغلال والقيود والحيات والعقارب وخزنة النار . وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملحدة ، حتى حملوا الجنة والنار على نعيم أو عقاب تتخلله الأرواح ، وحملوا وزن الأعمال والصراط واللوح والقلم على معاني زوروها في أنفسهم ، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع ، وإذا ورد خبر الصادق بشيء موهوم في العقل ، فالواجب تصديقه وإن جاز أن يكون له تأويل ، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز ، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن . وقيل إنها فتنة أي عقوبة للظالمين ، كما قال : " ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون " [ الذاريات : 14 ] .


[13261]:راجع ج 1 ص 283 طبعة أولى أو ثانية.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّـٰلِمِينَ} (63)

ولما كان قد أخبر أن نباتها في النار ، فكان ذلك سبباً لزيادة تكذيبهم لأن عدم إيمانهم كان سبباً لضيق عقولهم ، قال مؤكداً رداً على من يظن أنه سبحانه لا يفتن عباده لأنه غني عن ذلك : { إنا جعلناها } أي الشجرة بما لنا من العظمة { فتنة للظالمين * } أي الذين يضعون الأشياء في غير مواضعها كمن هو في الظلام بكونها عذاباً لهم في الأخرى وسبباً لزيادة ضلالهم في الدنيا ، ولو وضعوها مواضعها لعلموا أن من جعل في الشجر الأخضر ناراً لا تحرقه يستخرجونها هم متى شاؤوا فيحرقون بها ما شاؤوا من حطب وغيره قادر على أن ينبت في النار شجراً أخضر لا تحرقه النار ،