اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّـٰلِمِينَ} (63)

قوله : { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } أي الكافرين وذلك أن الكفار لما سمعوا هذه الآية قولوا : كيف يكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر ؟ فأجيبوا : بأن خالق النار قادر على أنْ يمنع النار من إحراق الشجر ؛ لأنه إذا جاز أن تكونَ في النار زبانية والله تعالى يمنع النار عن إحراقهم فَلِمَ لا يجوز مثله في هذه الشجرة ؟

فمعنى كون شجرةِ الزقوم فتنةً للظالمين هو أنهم لما سمعوا هذه الآية وبقيت تلك الشبهةُ في قلوبهم وصارت سبباً لتماديهم في الكفر فهو المراد من كونها فتنةً لهم . أو بكون المراد صيرورةَ هَذِهِ الشجرة فتنةً لهم من النار لأنهم إذا كلفوا تناولها شق ذلك عليهم فحينئذ يصير ذلك فتنةً في حقِّهم .

أو يكون المراد من الفتنة الامتحان والاختبار فإن هذا شيء بعيد عن العُرْف والعادة . وإذا ورد على سمع المؤمن فوض علمه إلى الله وإذا ورد على الزِّنْدِيقِ توسل به إلى الطَّعن في القرآن والنبوة .