معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ} (43)

قوله تعالى :{ أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل } يا محمد { أو لو كانوا } وإن كانوا يعني الآلهة { لا يملكون شيئا } من الشفاعة { ولا يعقلون } أنكم تعبدونهم وجواب هذا محذوف تقديره : وإن كانوا بهذه الصفة تتخذونهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ} (43)

36

إنهم هكذا في قبضة الله دائما . وهو الوكيل عليهم . ولست عليهم بوكيل . وإنهم إن يهتدوا فلأنفسهم وإن يضلوا فعليها . وإنهم محاسبون إذن وليسوا بمتروكين . . فماذا يرجون إذن للفكاك والخلاص ?

أم اتخذوا من دون الله شفعاء ? قل : أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون ? قل : لله الشفاعة جميعاً . له ملك السماوات والأرض ، ثم إليه ترجعون . .

وهو سؤال للتهكم والسخرية من زعمهم أنهم يعبدون تماثيل الملائكة ليقربوهم إلى الله زلفى ! ( أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون ? ) . .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ} (43)

{ أم } منقطعة وهي للاضراب الانتقالي انتقالاً من تشنيع إشراكهم إلى إبطال معاذيرهم في شركهم ، ذلك أنهم لما دمغتهم حجج القرآن باستحالة أن يكون لله شركاء تمحّلوا تأويلاً لشركهم فقالوا : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زُلفى } [ الزمر : 3 ] كما حكي عنهم في أول هذه السورة ، فلما استُوفيَت الحججُ على إبطال الشرك أقبل هنا على إبطال تأويلهم منه ومعذرتهم . والاستفهام الذي تشعر به أم } في جميع مواقعها هو هنا للإِنكار بمعنى أن تأويلهم وعذرهم منكَر كما كان المعتذَر عنه منكراً فلم يقضوا بهذه المعذرة وطَراً . وقد تقدم في أول السورة بيان مرادهم بكونهم شفعاء .

وأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم مقالةً تقطع بهتانهم وهي { أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون .

فالواو في { أو لو كانوا } عاطفة كلام المجيب على كلامهم وهو من قبيل ما سُمّي بعطف التلقين في قوله تعالى : { قال ومن ذريتي } في سورة البقرة ( 124 ) ، ولك أن تجعل الواو للحال كما هو المختار في نظيره . وتقدم في قوله : { ولو افتدى به } في سورة آل عمران ( 91 ) . وصاحب الحال مقدر دل عليه ما قبله من قوله : اتخذوا من دون الله شفعاء . } والتقدير : أيشفعون لو كانوا لا يملكون شيئاً . والظاهر أن حكم تصدير الاستفهام قبل واو الحال كحكم تصديره قبل واو العطف .

وأفاد تنكير { شيئاً } في سياق النفي عموم كل ما يُملك فيدخل في عمومه جميع أنواع الشفاعة . ولما كانت الشفاعة أمراً معنوياً كان معنى ملكها تحصيل إجابتها ، والكلام تهكم إذ كيف يشفع من لا يعقل فإنه لعدم عقله لا يتصور خطور معنى الشفاعة عنده فضلاً عن أن تتوجه إرادته إلى الاستشفاع فاتخاذهم شفعاء من الحماقة .