تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَۚ قُلۡ أَوَلَوۡ كَانُواْ لَا يَمۡلِكُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَعۡقِلُونَ} (43)

الآية 43 وقوله تعالى : { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ } على ما ذكرنا في ما تقدم في غير موضع أن حرف الاستفهام والشك إذا أضيف إلى الله عز وجل فهو على الإيجاب والإلزام .

ثم قال بعض أهل التأويل : إن قوله عز وجل : { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ } هم الملائكة الذين عبدوهم{[17962]} .

لكنه بعيد ، لأنه قال [ في إثر ذلك ]{[17963]} : { قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ } والملائكة أهل العقل والعلم ، وإنهم يملكون ذلك [ إذ جعله لهم ، وملكوه ]{[17964]} . لكن الآية في الأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله على رجاء أن تشفع لهم ، وتقرّب عبادتهم إياها إلى الله زلفى فهي{[17965]} أشبه بالأصنام التي كانوا يعبدونها من الملائكة ، والله أعلم .

ثم قوله : { أم اتخذوا من دون الله شفعاء } يخرّج على وجهين :

أحدهما : بل اتخذوا بعبادة من عبدوا من دون الله شفعاء لأنفسهم ، ولا يكونون شفعاء لهم ، ولا يملكون ذلك ، ولا يعقلون .

والثاني : بل اتخذوا لأنفسهم من دون الله شفعاء ، ولا يملك أحد جعل الشفاعة لأحد دون الله إلا من جعل الله له الشفاعة . ولا يجعل الله لأحد الشفاعة إلا من كان له عند الله عهد أو من ارتضى له الشفاعة [ كقوله ]{[17966]} : { لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا } [ مريم : 87 ] وقوله : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } [ الأنبياء : 28 ] يدل على هذا قوله حين{[17967]} قال : { قل أوَلو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون } .


[17962]:في الأصل وم: عبدوها.
[17963]:ساقطة من الأصل وم.
[17964]:في الأصل وم: إذا جعل لهم وملكوا.
[17965]:في الأصل وم: فهو.
[17966]:ساقطة من الأصل وم.
[17967]:في الأصل وم: حيث.