معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمۡ قَآئِمُونَ} (33)

{ والذين في أموالهم حق معلوم . للسائل والمحروم . والذين يصدقون بيوم الدين . والذين هم من عذاب ربهم مشفقون إن عذاب ربهم غير مأمون . والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون . والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون . والذين هم بشهاداتهم قائمون } قرأ حفص عن عاصم ، ويعقوب : { بشهاداتهم } على الجمع ، وقرأ الآخرون { بشهادتهم } على التوحيد ، { قائمون } أي يقومون فيها بالحق أو لا يكتمونها ولا يغيرونها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمۡ قَآئِمُونَ} (33)

( والذين هم بشهاداتهم قائمون ) . .

وقد ناط الله بأداء الشهادة حقوقا كثيرة ، بل ناط بها حدود الله ، التي تقام بقيام الشهادة . فلم يكن بد أن يشدد الله في القيام بالشهادة ، وعدم التخلف عنها ابتداء ، وعدم كتمانها عند التقاضي ، ومن القيام بها أداؤها بالحق دون ميل ولا تحريف . وقد جعلها الله شهادة له هو ليربطها بطاعته ، فقال : ( وأقيموا الشهادة لله ) . . وجعلها هنا سمة من سمات المؤمنين وهي أمانة من الأمانات ، أفردها بالذكر للتعظيم من شأنها وإبراز أهميتها . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمۡ قَآئِمُونَ} (33)

وقوله تعالى : { والذين هم بشهاداتهم قائمون } معناه في قول جماعة من المفسرين : أنهم يحفظون ما يشهدون فيه ، ويتيقنونه ويقومون بمعانيه حتى لا يكون لهم فيه تقصير ، وهذا هو وصف من تمثيل قول النبي صلى الله عليه وسلم : «على مثل الشمس فاشهد »{[11332]} . وقال آخرون معناه الذين إذا كانت عندهم شهادة ورأوا حقاً يدرس أو حرمة لله تنتهك قاموا بشهادتهم ، وقال ابن عباس : شهادتهم في هذه الآية : «لا إله إلا الله وحده لا شريك له » . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها »{[11333]} ، واختلف الناس في معنى هذا الحديث بحسب المعنيين اللذين ذكرت في الآية ، إحداهما : أن يكون يحفظهما متقنة فيأتي بها ولا يحتاج أن يستفهم عن شيء منها ولا أن يعارض . والثاني : إذا رأى حقاً يعمل بخلافه وعنده في إحياء الحق شهادة . وروي أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «سيأتي قوم يخونون ولا يؤتمنون ، ويشهدون ولا يستشهدون ، ويظهر فيهم السمن »{[11334]} . واختلف الناس في معنى هذا الحديث ، فقال بعض العلماء : هم قوم مؤمنون يتعرضون ويحرصون على وضع أسمائهم في وثائق الناس ، وينصبون لذلك الحبائل من زي وهيئة وهم غير عدول في أنفسهم فيغرون بذلك ويضرون .

قال القاضي أبو محمد : فهذا في ابتداء الشهادة لا في أدائها ، ويجيء قوله عليه السلام : «ولا يستشهدون » ، أي وهم غير أهل لذلك ، وقال آخرون من العلماء : هم شهود الزور ، لأنهم يؤدونها والحال لم تشهدهم ولا المشهود عليه ، وقرأ حفص عن عاصم : «بشهاداتهم » على الجمع وهي قراءة عبد الرحمن ، والباقون «بشهادتهم » على الإفراد الذي هو اسم الجنس .


[11332]:لم أقف عليه.
[11333]:أخرجه ابن ماجه في الأحكام، وأحمد في مسنده 5/193، ومسلم في كتاب الأقضية، عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها، أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها).
[11334]:أخرجه البخاري في الشهادات، وفضائل الصحابة، والأيمان، وأبو داود في السنة، والترمذي في الفتن، والنسائي في الأيمان، وأحمد في مسنده 4/426،427،436، 440، ولفظه كما في البخاري: عن عمران ابن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم- قال عمران: لا أدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرنين أو ثلاثة- قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن) ومعنى قوله : (ويظهر فيهم السمن) أنهم يتعاطون أسباب السمن ويتوسعون في المآكل والمشارب التي تسبب السمن. (راجع اللسان وكتاب النهاية في غربي الحديث لابن الأثير).