معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا} (30)

قال السدي : فلما سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع وأقبل عليهم . وقيل : لما أشارت إليه ترك الثدي واتكأ على يساره ، وأقبل عليهم وجعل يشير بيمينه : { قال إني عبد الله } ، وقال وهب : أتاها زكريا عند مناظرتها اليهود ، فقال لعيسى : انطق بحجتك إن كنت أمرت بها ، فقال عند ذلك عيسى عليه السلام وهو ابن أربعين يوماً - وقال مقاتل : بل هو يوم ولد - : إني عبد الله ، أقر على نفسه بالعبودية لله عز وجل أول ما تكلم لئلا يتخذ إلهاً ، { آتاني الكتاب وجعلني نبياً } ، قيل : معناه سيؤتيني الكتاب ويجعلني نبياً . وقيل : هذا إخبار عما كتب له في اللوح المحفوظ ، كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : متى كنت نبياً ؟ قال : " { كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد } " . وقال الأكثرون أوتي الإنجيل وهو صغير طفل ، وكان يعقل عقل الرجال . وعن الحسن : أنه قال : ألهم التوراة وهو في بطن أمه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا} (30)

16

ولكن ها هي ذي الخارقة العجيبة تقع مرة أخرى :

قال : إني عبد الله ، آتاني الكتاب ، وجعلني نبيا ، وجعلني مباركا أينما كنت ، وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ، وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا .

وهكذا يعلن عيسى - عليه السلام - عبوديته لله . فليس هو ابنه كما تدعي فرقة . وليس هو إلها كما تدعي فرقة . وليس هو ثالث ثلاثة هم إله واحد وهم ثلاثة كما تدعي فرقة . . ويعلن أن الله جعله نبيا ، لا ولدا ولا شريكا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا} (30)

{ قال إني عبد الله } أنطقه الله تعالى به أولا لأنه أول المقامات وللرد على من يزعم ربوبيته . { آتاني الكتاب } الإنجيل . { وجعلني نبيا } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا} (30)

كلام عيسى هذا مما أهملته أناجيل النصارى لأنهم طووا خبر وصولها إلى أهلها بعد وضعها ، وهو طيّ يتعجب منه . ويدل على أنها كتبت في أحوال غير مضبوطة ، فأطلع الله تعالى عليه نبيئه صلى الله عليه وسلم .

والابتداء بوصف العبودية لله ألقاه الله على لسان عيسى لأن الله علم بأن قوماً سيقولون : إنه ابن الله .

والتعبير عن إيتاء الكتاب بفعل المضي مراد به أن الله قدّر إيتاءه إياه ، أي قدّر أن يوتيني الكتاب .

والكتاب : الشريعة التي من شأنها أن تكتب لئلا يقع فيها تغيير . فإطلاق الكتاب على شريعة عيسى كإطلاق الكتاب على القرآن . والمراد بالكتاب الإنجيل وهو ما كتب من الوحي الذي خاطب الله به عيسى . ويجوز أن يراد بالكتاب التوراة فيكون الإيتاء إيتاءَ علم ما في التوراة كقوله تعالى : { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } [ مريم : 12 ] فيكون قوله { وجعلني نبيئاً } ارتقاء في المراتب التي آتاه الله إياها .

والقول في التعبير عنه بالماضي كالقول في قوله و { ءاتانِي الكِتَابَ } .