السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا} (30)

{ قال إني عبد الله } أي : الملك الأعظم الذي له صفات الكمال لا أتعبد لغيره وفي ذلك إشارة إلى أنّ عبد الله لا يتخذ إلهاً من دونه ولا يستعبده شيطان ولا هوى .

الصفة الثانية : قوله تعالى { آتاني الكتاب } واختلف في ذلك الكتاب فقال بعضهم هو التوراة لأنّ الألف واللام في الكتاب تنصرف للمعهود والكتاب المعهود لهم هو التوراة وقال أبو مسلم هو الإنجيل لأنّ الألف واللام هاهنا للجنس وقال قوم التوراة والإنجيل لأنّ الألف واللام تفيد الاستغراق واقتصر البيضاوي على الأوّل والبقاعي على الثالث وزاد عليه والزبور وغيرها من الصحف .

الصفة الثالثة : قوله { وجعلني نبيا } واختلف في معنى ذلك فقيل معناه سيؤتيني الكتاب ويجعلني نبياً وأتى بلفظ الماضي بجعل المحقق وقوعه كالواقع كما في قوله تعالى : { أتى أمر الله فلا تستعجلوه } [ النحل ، 1 ] وقيل : هو إخبار عما كتب في اللوح المحفوظ كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم متى كنت نبياً قال : " كنت وآدم بين الروح والجسد " وقال الأكثرون أوتي الإنجيل وهو صغير طفل وكان يعقل عقل الرجال وقال الحسن أُلهم التوراة وهو في بطن أمه .